قانون توريق الحقوق المالية المستقبلية المتوقعة.
أكدت كل المصادر التاريخية الموثوقة – خصوصا فى عصر الخديوى إسماعيل – على حقيقة الدور الذى لعبته عمليات رهن ديون مصر ، وديون الخديوى و صغار وكبار الملاك لصالح الدائنين ، من خلال أحتجاز الإيرادات المتوقعة للمرافق العمومية ( مثل السكك الحديدبة – إيرادات الجمارك – إيرادات البريد -.. وغيرها ) ، أو الملكيات الخاصة بالخديوى أو المتعثرون من الفلاحين وكبار الملاك ، فى أرتهان الدولة المصرية ومواردها وقراراتها السياسية والاقتصادية للدائنين من ناحية ، وللدول الدائنة أو أصحاب الولاية أو الحماية لهؤلاء الدائنين (11) .
ومنذ أن أعيد إنشاء البورصة المصرية من جديد عام 1992 ( بالقانون رقم 95) ، فى ظل برنامج ما سمى التعديل أو التصحيح الهيكلى Structural Readjustments برعاية صندوق النقد والبنك الدوليين ، وهناك مراحل تنتقل فيه أدوار هذه البورصة وسوق الأوراق المالية من مرحلة إلى مرحلة أخرى ، وهى فى كل واحدة تؤدى دورا خطيرا فى عمليات نهب وإستنزاف الثروة الوطنية المصرية .
وقد صاحب كل مرحلة من تلك المراحل إجراء بعض التعديلات التشريعية ، واللوائح التنفيذية لعمل البورصة ، فإذا كان البعض يعتبر سوق الأوراق المالية ( البورصة) أداة هامة لتحويل الموارد المالية من وحدات الفائض إلى وحدات العجز بما تمثله من فرص استثمارية ممتازة ، وعامل هام فى جذب رؤوس الأموال الأجنبية والمحلية ، وتأمين الموارد التمويلية الاقتصادية للمشروعات الاستثمارية التى تحتاج للمزيد من الموارد تفوق مدخراتها مقابل إيجاد فرص مواتية للتوظيف الفعال للفوائض التى تتحقق لدى المدخرين بما يفوق إحتياجاتهم الاستثمارية (12) .فأن هؤلاء الخبراء قد توصلوا إلى أن البورصة المصرية قد تخلفت عن أداء وظائفها فى خدمة الاقتصاد القومى وتحولها لأداة لخصخصة الأموال العامة إلى الخاصة ، وسيطرة قلة من ذوى النفوذ والمصالح عليها ، واستغلال المعلومات الداخلية والقوانين الفاسدة التى تطبق على الورق فقط ، وعلى صغار المتعاملين دون غيرهم وزيادة عمليات التربح دون وجه حق، مما ترتب عليه ضياع
مدخرات العديد من المستثمرين المصريين ( والمضاربين فيها ) ، وإنتشار أساليب الغش والتدليس والاستغلال الداخلى للمعلومات ، واتباع سياسة التفويتات لبعض الشركات دون شركات أخرى مما ترتب عليه ضياع مدخرات صغار المستثمرين وخسارة أموالهم .وكذا غياب عنصرى الإفصاح والشفافية بالقدر المناسب والذى يساعد المستثمر فى اتخاذ القرار الصحيح ، سواء بالنسبة للشركات المقيدة أو لأطراف المنظومة القائمة على ادارة سوق المال المصرى ، و تحول البورصة لأداة لخصخصة أموال الشعب الى صالح فئة معينة تحقق نفعاً خاصاً دون أن يرتبط ذلك بالنفع العام للمجتمع أو الدولة ككل ، بما يثرى طبقة على حساب طبقة أخرى ويزيد من معدلات الفقر داخل المجتمع المصرى ، فضلاً عن عدم وجود طريق قانونى يحمى هؤلاء المستثمرين حالة التعرض لغش أو تدليس أو خداع ، أو نصب لتعويضهم أو حل مشاكلهم ، وهشاشة المؤسسات القائمة على إدارة سوق المال ، وضعف أدواتها المالية وغياب الرؤية الشاملة لتطوير المنظومة (13) .
ومن أبرز تلك الجوانب السلبية فى أداء البورصة المصرية طوال عشرين عاما ، تعيين أبناء المشاهير من الممثلين والممثلات وغيرهم من السياسيين وذوى السلطة بمرتبات مرتفعة جداً دون أن يكون لديهم أدنى كفاءة أو خبرة مسبقة فى حين وجود العديد من ذوى الخبرة والكفاءة للعمل بهذا القطاع ولكن دون جدوى فسيطرة المحسوبية والمجاملات تسيطر على هذه المجموعة بشكل فج (14).
وضعف الرقابة من قبل الجهاز المركزى للمحاسبات على بنود ايرادات ونفقات الأطراف العاملة فى هذه المنظومة متمثلة فى ادارة البورصة وهيئة الرقابة المالية وصندوق المخاطر ومصر للمقاصة .
وتخلى البورصة عن القيام بوظائفها فى خدمة الاقتصاد القومى كونها أداة لتمويل التنمية الاقتصادية , أو وسيلة لتسعير الأصول المالية بقيمتها الحقيقية نظراً للتلاعب بالقيم الحقيقة للأسهم بالبورصة ، إما بأعلى من قيمتها بكثير ، أو أقل من قيمتها بكثير وتحولها من أداة تجمع بين جمهور المستثمرين وجمهور المدخرين ، إلى أداة لإستنفاذ أموال المدخرين وإعطائها لقلة من رجال الأعمال وذوى المصلحة والسلطة والمحسوبية بدون تكلفة فيما يشبه الاحتيال القانونى على أموال المدخرين من صغار الافراد (15) .
نمو قوة ونفوذ جماعات المصالح الاقتصادية والأجنبية
بيد أنه مع نمو قوة ونفوذ جماعات المصالح الاقتصادية الخاصة والأجنبية فى مصر ، وتفشى ممارسات الفساد المحمى معظمها من رجال الحكم والإدارة (16) ، تعاظم دور البورصة وسوق الأوراق المالية كوسيلة للتمويل المحدود من جهة ، وكأداة هائلة لعمليات تهريب وغسل الأموال والتهرب الضريبى عبر الملاذات الضريبية الآمنة من جهة أخرى .
ومن هنا جرى عدة تعديلات قانونية على قانون سوق المال الصادر عام 1992:
فصدر التعديل الأول بالقانون رقم (143) لسنة 2004 ، الذى أدخل " نشاط التوريق " فى أعمال البورصة المصرية وسوق رأس المال ، والذى يقصد به تأسيس شركات التوريق ( التى تزاول نشاط اصدار سندات قابلة للتداول فى حدود ما يحال إليها من حقوق مالية ، ومستحقات آجلة الدفع بالضمانات المقررة لها ، وتعد شركات التوريق فى تطبيق أحكام هذا القانون من الشركات العاملة فى مجال الأوراق المالية ، ويطلق على الحقوق والمستحقات والضمانات المحالة أسم ( محفظة التوريق ) ، ويقتصر غرض هذه الشركة على مزاولة النشاط المشار إليه دون غيره ، ولا يجوز بغير ترخيص من مجلس إدارة الهيئة أن يحال إلى الشركة أكثر من محفظة توريق واحدة . أو أن تقوم بأكثر من إصدار واحد للسندات ، وذلك طبقا للقواعد والإجراءات التى يصدر بها قرار من مجلس الإدارة ) (17) .
تتم حوالة محفظة التوريق بموجب اتفاق بين المحيل وشركة التوريق المحال إليها وفقًا للنموذج الذى تعده الهيئة. ويجب أن تكون الحوالة نافذة وناجزة وغير معلقة على شرط وناقلة لجميع الحقوق والمستحقات والضمانات المحالة، وأن يكون المحيل ضامنًا لوجودها وقت الحوالة. ولا يكون مسئولاً عن الوفاء بأى منها بعد إتمام الحوالة إلى شركة التوريق، ويجب إخطار الهيئة بذلك ونشر ملخص واف لاتفاق الحوالة فى جريدتين يوميتين صباحيتين واسعتى الانتشار إحداهما على الأقل باللغة العربية.
وعلى شركات المساهمة من غير شركات التوريق الراغبة فى إصدار سندات توريق بضمان محفظة مستقلة من حقوقها المالية أن تتقدم بطلب إلى الهيئة مرفقًا به بالإضافة إلى المستندات المبينة فى المادة (7) من هذه اللائحة
ويحظر على شركة التوريق أن تعقد اتفاقًا لحوالة محفظة توريق مع محيل تزيد مساهمته سواء كان منفردًا أو مع مجموعة مرتبطة على (20%) من رأس مالها.
ويقصد بالمجموعة المرتبطة الأشخاص الذين يخضعون للسيطرة الفعلية لنفس الأشخاص الطبيعيين أو لذات الأشخاص الاعتبارية أو الذين بجمع بينهم اتفاق يتعلق بالمساهمة فى شركة التوريق.
على أية حال .. جاء التعديل التالى للقانون رقم (95) لسنة 1992 ، بالقانون رقم (17) لسنة 2018 ، أستجابة لطلبات وضغوط مجموعات البورصجية المحيطون بالجنرال عبد الفتاح السيسى ، ومن ورائهم جماعات المصالح المحلية والعربية والأجنبية التى تمارس عمليات التلاعب بسوق الأوراق المالية والبورصة المصرية .
وقد أدخل التعديل الجديد الذى وافق عليه مجلس النواب فى جلسته العامة بتاريخ الثلاثاء الموافق 13/2/2018
أدوات مالية جديدة للبورصة من بينها الصكوك بأنواعها ، والسماح بإنشاء بورصة للسلع والعقود الآجلة، وتتيح هذه التعديلات وفقا لما ورد فى المذكرة التفسيرية للقانون جذب شريحة كبيرة من المستثمرين المحليين والعرب، والتى ترفض الاستثمار فى أدوات الدخل الثابتة من خلال إتاحة أدوات مالية جديدة للاستثمار مثل البنوك الإسلامية وشركات التأمين التكافلى.
كما تتيح بورصة العقود الخاصة بالسلع اتفاق المتعاملين على تفاصيل بيع وشراء سلعة بسعر طويل الأجل، بما يعنى موافقة البائع على تسليم كمية معينة من سلعة ما، فى تاريخ مستقبلى، مقابل سعر يحدد عند إبرام العقد، بغض النظر عن سعر السلعة يوم التسليم، ويمكن تداول تلك العقود الآجلة، وانتقالها من متداول إلى آخر.
كما قدم التعديل الجديد مزيد من المزايا والتنازلات لصالح المتعاملين فى البورصة ( المضاربين والسماسرة غالبا ) ، من بينها :
- ما تضمنته المادة (15/ الفقرة الثانية) من جواز قيد الورقة المالية أو الأداة المالية فى أكثر من بورصة بموافقة الهيئة, ووفقًا للشروط والضوابط التى يصدر بها قرار من مجلس إدارة الهيئة.
- جواز موافقة مجلس إدارة الهيئة إنشاء بورصات تكون لها الشخصية المعنوية الخاصة، تتخذ شكل شركة مساهمة، ويقتصر التداول فيها على نوع أو أكثر من الأوراق المالية.( المادة 26) .
- المادة (35) أجازت أنشاء صناديق استثمار تهدف إلى استثمار المدخرات فى الأوراق المالية فى حدود ووفقًا للأوضاع التى تبينها اللائحة التنفيذية لهذا القانون.ولمجلس إدارة الهيئة أن يرخص للصندوق بالتعامل فى القيم المالية المنقولة الأخرى، أو فى غيرها من مجالات الاستثمار, طبقًا للقواعد والشروط التى تحددها اللائحة التنفيذية لهذا القانون.ويجب أن يتخذ صندوق الاستثمار شكل شركة المساهمة برأس مال نقدى، ويحدد مجلس إدارة الهيئة ضوابط هيكل تشكيل مجلس الإدارة بمراعاة طبيعة نشاط صناديق الاستثمار.
- مادة (41): أجازت للبنوك بعد موافقة البنك المركزى المصرى، وللشركات التى تباشر أنشطة مالية غير مصرفية التى يصدر بتحديدها قرار من مجلس إدارة الهيئة، أن تباشر بنفسها أو مع غيرها، نشاط صناديق الاستثمار بترخيص من الهيئة.
- أما المادة (68/ الفقرة الأولى) ، فقد قصرا عقاب المخالف على المسئول عن الإدارة الفعلية للشركة، بالعقوبات المقررة عن الأفعال التى ترتكب بالمخالفة لأحكام هذا القانون متى ثبت علمه بها، وكانت المخالفة قد وقعت بسبب إخلاله بواجباته الوظيفية. وأستبعدت بالتالى صاحب الشركة ، وهو ما أستفاد منها كثير من كبار رجال المال والأعمال وفى مقدمتهم آل ساويرس .
- استحدثت المادة (12) أدوات مالية جديدة مثل السندات وصكوك التمويل والأوراق المالية الأخرى بقرار من الجمعية العامة للشركة، ووفقًا للقواعد والإجراءات التى تبينها اللائحة التنفيذية لهذا القانون، ويجوز بترخيص من الهيئة طرحها فى إكتتاب عام. فإذا كانت السندات وصكوك التمويل والأوراق المالية الأخرى المشار إليها قصيرة الأجل لمدة لا تجاوز سنتين، يجوز أن يكون قرار الإصدار بناءً على موافقة مجلس إدارة الشركة بشرط حصوله على تفويض من الجمعية العامة للشركة ، أوموافقة السلطة المختصة فى غيرها من الأشخاص الاعتبارية، ووفقًا للقواعد والإجراءات التى يضعها مجلس إدارة الهيئة فى شأن إصدارها وطرحها فى اكتتاب عام أو خاص.
وفى جميع الأحوال، يجب أن يتضمن قرار الإصدار العائد الذى يجنيه السند أو الصك أو الورقة المالية، وأساس حسابه، دون التقيد بالحدود المنصوص عليها فى أى قانون آخر.
7-أما المادة (15/ الفقرة الثانية):فقد أجازت قيد الورقة المالية أو الأداة المالية فى أكثر من بورصة بموافقة الهيئة, ووفقًا للشروط والضوابط التى يصدر بها قرار من مجلس إدارة الهيئة.
وفى مايو 2021 بدأت الموجة الجديدة من أجل تعديل جديد لقانون البورصة وسوق الأوراق المالية ، بهدف أدخال تنظيم قانوني جديد هو ـ«توريق الحقوق المالية المستقبلية المتوقعة" ، واستحداث آلية لتوريق هذه الحقوق ، كبديل تمويل غير تقليدي يتيح توفير التمويل اللازم للجهات القائمة على شئون المرافق والخدمات العامة في الدولة سواء من القطاع الحكومى والعام ، أو من القطاع الخاص ، وشركات المرافق العامة بما يمكنها من دعم استثماراتها ذاتيا وتمكينها من القيام بأعمالها وأنشطتها في مشروعات البنية التحتية من مشروعات الطرق والمواصلات بالإضافة إلى ما سبق وإدراجه فى التعديل القانونى السابق الخاص «تنظيم توريق الحقوق المالية الآجلة» (20) .
وأشار رئيس هيئة الرقابة المالية د. محمد عمران ، وهو أحد المشبوهين فى قضايا فساد منذ سنوات بعيدة قبل ثورة الخامس والعشرين من يناير عام 2011 ، إلى أن قانون سوق رأس المال الصادر بالقانون رقم (143) لسنة 2004 المعدل للقانون الأصلى رقم (95) لسنة 1992 قد نظم نشاط ( توريق الحقوق المالية آجلة الدفع ) باعتباره أحد الوسائل الفعالة للتمويل ، وذلك من خلال إصدار سندات قابلة للتداول مقابل حوالة حقوق مالية ومستحقات قائمة آجلة الدفع. والأن فقد جاء الدور على «توريق الحقوق المالية المستقبلية المتوقعة
ويأتى هذا التعديل مدعوما بطفرة فى إصدارات سندات التوريق فى العام 2020، حيث تجاوزت قيمتها 24 مليار جنيه، وفقا لبيانات هيئة الرقابة المالية، ما يشير إلى أن النشاط أصبح مصدراً رئيسياً لتمويل المشروعات.
وأضاف رئيس هيئة الرقابة المالية أنه من أهم القطاعات التى يمكن أن تستفيد من توريق حقوقها المالية المستقبلية المتوقعة، مع ضخامة المستفيدين من تمويلها هى : قطاع الكهرباء، قطاع الغاز، قطاع المياه، قطاع الاتصالات، قطاع الطرق والكبارى، قطاع نقل الركاب والبضائع سواء برياً أو بحرياً أو جوياً بما فى ذلك رسوم بوابات الطرق ومترو الأنفاق وشبكة السكك الحديدية، قطاع الصحة، قطاع التعليم، قطاع الإسكان.
ومن خلال توريق حقوقها المالية المتوقع دخولها فى ذمتها المالية فى المستقبل. نظرا لاعتمادها على تدفقات مالية مستقبلية مضمونة بناء على المسار التاريخى للجهة المصدرة، بينما تعتمد توريق الحقوق المالية الآجلة على حقوق مدينة منشأة بالفعل، ومُدرجة بموازنة الجهة المُصدِرة.
وأكدوا أن عملية التصنيف الائتمانى للجهات التى قد تلجأ للآلية الجديدة تشمل جميع الجوانب التى تضمن نجاح الإصدارات، وكفاءتها، وأهمها التدفقات المالية المستقبلية للجهة بناء على أرباحها تاريخيا.
ومن أبرز الأحكام التى جاء بها مشروع القانون الجديد :االسماح لشركات التوريق المرخص لها من الهيئة العامة للرقابة المالية بإصدار سندات قابلة للتداول توجه حصيلتها لتمويل أشخاص القانون العام ، والأشخاص الاعتبارية الخاصة مقابل ما ينشأ لصالح هذه الجهات من حقوق مالية مستقبلية متوقعة نتيجة إدارة مرافق عامة ، أو تقديم خدمات عامة للجمهور، وكذا السماح لمجلس إدارة الهيئة العامة للرقابة المالية بإضافة أنواع أخرى من الحقوق المالية المستقبلية المتوقعة التى يتم إصدار سندات توريق مقابلها.وأخيرا النص على سريان الأحكام المنصوص عليها بقانون سوق رأس المال والمنظمة لتوريق الحقوق المالية الآجلة فى شأن توريق الحقوق المالية المستقبلية المتوقعة وذلك فيما لم يرد بشأنه تنظيم خاص لهذا النوع من الحقوق.
وعندما نتأمل أسماء المؤيدين بقوة لمثل هذا القانون نجدهم من العاملين فى البورصات ( البورصجية ) ن الذين نجحوا تما فى السيطرة على توجهات الجنرال السيسى طوال السبع سنوات الأولى من حكمه من أمثال : السيد " معتز الدرينى " الشريك المؤسس فى مكتب الدرينى وشركاه ، و" د.عمرو حسنين " رئيس شركة ميريس للتصنيف الائتمانى التابعة لوكالة موديز للتصنيف الائتمانى ، و " أيمن أبو هند " الشريك المؤسس لمجموعة «أدفيسبل» للاستثمار الأمريكية ، وغيرهم كثيرين .
وجميعهم قد أتفقوا على أن قرار هيئة الرقابة المالية يتيح للجهات التى تقدم خدمات عامة، سواء كانت عامة أو خاصة مثل، شركات الاتصالات، والجامعات، ، ومرفق المياه، وشركات الكهرباء ، والصحة ، وهيئة السكة الحديد نظرا لاحتياجها لتمويلات لتطويرها، وشركات المرافق العامة، ، والشركات التى تقدم خدمات تعليمية بالقطاعين العام والخاص، و الشركة الشرقية للدخان على اعتبار أن هذه الجهات حقوقها المالية مضمونة، نظرا لأنها تقدم خدماتها حصريا، ومخاطر محفظتها المستقبلية محدودة للغاية، فضلا عن أنها تقدم خدمات ضرورية وأساسية، و مدللا أن البلدان بالخارج يتم أحيانا توريق الحقوق المالية لتذاكر مباريات كرة القدم، وشركات الطيران (تذاكر السفر)، على اعتبار أنها حقوق مالية مستقبلية مضمونة(21) .
وقدر هؤلاء أن طرح هذه الآلية الآن يتماشى مع خطة الدولة لتحسين الاستثمارات الحكومية، وأيضا يدعم هيكلة قطاعات عديدة كانت بحاجة لأدوات تمويلية جديدة، تستغل الأصول المالية المتاحة لها، بدلا من الاقتراض من البنوك، وكذلك مرافق وزارة النقل التى تنفذ حاليا خطة لتطوير السكة الحديد، بهدف تقليل حوادث القطارات، من خلال تنفيذ 257 مشروعا بإجمالى تكلفة 225 مليار جنيه حتى عام 2024
وأوضحوا أن الآلية المستحدثة تختلف، عن الآلية الحالية ( الآجلة ) التى تم اللجوء إليها سابقا من قبل عدد من الشركات فى طبيعة الحقوق المالية التى يتم إصدار السندات بموجبها، حيث إن الآلية الحالية يجب أن تكون لحقوق مالية تم إنشاؤها بالفعل، وتم إبرام عقود بشأنها، تخلق التزاما على مدين بسدادها، بينما الآلية المستحدثة تعتمد على حقوق مالية مستقبلية بناء على توقعات تدفقات مالية معينة بناء على المؤشرات التاريخية للجهة.وقد انتشرت آلية التوريق بين شركات التطوير العقارى والتمويل الاستهلاكى، وصارت بديلا مهما لسندات الشركات، ومن أبرز الشركات (بالم هيلز ) ، و( شركة مدينة نصر للإسكان والتعمير) ، و( شركة طلعت مصطف) .
كما إن تأثير القرار جيد، سيساهم فى توسيع قاعدة إصدارات سندات التوريق، وهو يصب فى صالح سوق المال، ويجذب عدد أكبر من المستثمرين، وأن عملية التصنيف الائتمانى لهذه السندات، تتضمن دراسة المنشأة تاريخيا، وقدرتها على التحصيل، وحجم التحصيلات، والهيكل المؤسسى الذى يؤهلها للتحصيل بشكل مضبط.
وكانت شركة «ميريس» قد أجرت تقييما للشركة الشرقية للدخان منذ سنوات، سجل أعلى درجة مع عدم وجود منافس للشركة فى صناعتها، وارتفاع مبيعاتها، وقوة مواردها المالية وانضباط العمل بداخلها، وبالتالى فى حالة سماح القرار بذلك يمكنها الاستفادة. وتخدم هذه الآلية إعادة هيكلة القنوات التمويلية للدولة لجميع الشركات التابعة للدولة، ولقطاع الأعمال، وكذلك تلك التى تمت خصخصتها بشكل جزئى، وأيضا الشركات التابعة للصندوق المصرى السيادى، وصندوق تحيا مصر.
وهنا مربط الفرس .. الصندوق السيادى المصرى .
فجماعات المصالح المحلية ، ومن يقف ورائهم خلف الستار من العرب والأجانب ، الذين أستنزفوا البلاد لأكثر من أربعة عقود ونيف (1974- 2020 ) ، قد بدأت الأن فى التلمظ والتجهيز لأكبر عملية نهب لما بقى من الأصول المملوكة للدولة المصرية من الأراضى والشركات والعقارات والمرافق العامة وغيرها . تماما كما جرى فى روسيا فى عهد الرئيس المخمور " بوريس يلتسن " .
فكيف ستتم هذه العملية الإجرامية ؟
- هناك أصول سوف يجرى الإقتراض بضمانها ، وقد بدأت بالفعل مع بداية الحديث حول هذا القانون المقترح .
- وهناك أصول سوف يجرى رهن إيراداتها المستقبلية مثل السكك الحديدة وشركات الطيران شركات الكهرباء وشركات الاتصالات والمرافق العامة ذات الإيراد المضمون ، ويوفر هذا القانون الجديد المظلة القانونية لهذه العملية .
- وهناك أصول سوف يتم طرحها فى صورة سندات توريق فى البورصات العالمية لمن يشترى سواء من الشركات أو البنوك ، أو جماعات اليهود والصهاينة .
- ولدينا أصول سوف تستخدم لتربح السماسرة المحليون ، فهم الواجهة لمشترين من وراء الستار ، وهؤلاء هم البورصجية وكثير منهم من المحيطون بالجنرال الحاكم ومعاونيه .
- وبقدر ما كشفت دراسات علمية مرموقة عن العلاقة الطردية الخفية بين زيادة ديون دولة ما – مثل مصر – ومقدار الثراء الذى تراكم لطبقة اجتماعية من كبار رجال الحكم والإدارة (22) ، فأننا الأن أمام حالة لا تخطئها العين عن عمليات النهب والفساد المصاحب لها فى عهد هذا الرجل .
- وكما كان عملية رهن إيرادات بعض الأصول والمرافق الحكومية فى عهد الخديوى إسماعيل ، مدخلا لسيطرة الأجانب على هذه الأصول والممتلكات ، فأننا اليوم نواجه نفس الحالة وإن بمظهر جديد ومختلف ، فكما جاء نظام BOOT الحديث بأشكاله وأنواعه المختلفة ،وريثا لنظام الإمتياز الاستعمارى القديم (23) ، يأتى ما يسمى نظام " التوريق للحقوق المالية المستقبلية المتوقعة " ، وريثا لنظام الرهن والحجز المالى القديم .
وتثبت عمليات البيع المتسارعة لبعض الأصول العقارية والحدائق التاريخية التى بدأت بطرح مبنى مجمع التحرير الإدارى للبيع بعد صدور قانون الصندوق السيادى عن مستقبل يحمل الكثير من المخاطر .
ووفقا لما أعلنته الدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط ، أثناء مداخلة تليفونية مع برنامج تقدمه المذيعة لميس الحديدى بتاريخ 6/12/2021 ، فقد جرى توقيع اتفاقية تطوير وإعادة تأهيل مجمع التحرير مع تحالف يضم 3 من الشركات الدولية ، وقالت الوزيرة إن مجمع التحرير بعد تطويره سيكون عبارة عن غرف فندقية وبعضها شقق فندقية وجزء إداري وتجاري، مشيرة إلى أن التحالف الذي سيباشر العمل في المجمع يضم شركات لديها خبرات كبيرة في تطوير المباني التاريخية في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية ، وأن التحالف الأمريكي هو المسؤول عن ضخ استثمارات في هذا المشروع والتى تصل قيمته إلى 3.5 مليار جنيه" أى ما يعادل 218.0 مليون دولار مشيرا إلى أن الانتهاء من المشروع سيكون خلال 24 شهرًا منذ بدء العمل واستلام التحالف المجمع ، وأشارت إلى أن التحالف الأمريكي هو الذى فاز بعملية استغلال وتطوير مجمع التحرير، لافتة إلى أن: "مصر ستشارك بالأرض والتحالف الأمريكي سيشارك بالتمويل" .
والحقيقة أن ما لم تعلنه الوزيرة صراحة هو وجود شركات إماراتية وراء هذا الموضوع ، وهى حريصة على التخفى والتماهى وراء شركات أمريكية ، نظرا لما أصبح يثيره دور الإمارات من مخاوف على الاقتصاد المصرى ، وأقتحامها للدولة المصرية ، وشراء الكثير من الأصول والخدمات مستغلة الظروف الاقتصادية غير المواتية فى مصر ، ووجود الجنرال عبد الفتاح السيسى على رأس السلطة فى هذا البلد .
كما كشفت الوزيرة فى تصريحاتها التى نشرتها جريدة الدستور بتاريخ الثلاثاء، ٧ ديسمبر ٢٠٢١ عن مصير أرض الحزب الوطني بالتحرير وأيضا وزارة الداخلية والقرية الكونية قائلة: "أرض الحزب الوطني سيتم طرحها خلال أسابيع قليلة لأننا انتهينا من كافة الدراسات، ولكن لدينا بعض الاشتراطات التي سيتم التأكد منها أولا ثم يتم طرحها" ، وأوضحت الوزيرة أن من ضمن المستهدف خلال عام 2022، وعبر الصندوق السيادي هو دراسة استغلال بعض المباني الهامة مثل أرض القرية الكونية ، وأيضا أرض مبني وزارة الداخلية في التحرير ، وأرض معهد ناصر على كورنيش النيل ، وأضافت أنه: "مع الانتقال للعاصمة الإدارية ندرس مع عدد من المستثمرين الاستغلال الأمثل للمباني الهامة كنوع من التنشيط السياحي مثل منطقة باب العزب والتي سينتهي الدراسات الخاصة بها نهاية ديسمبر الجاري ( 2021 ) بالشراكة مع شركة (بدايات ) لتحويلها لمنطقة ثقافية ، والمعروف أن شركة بدايات مملوكة لمشايخ إماراتيين وفى الواجهة يظهر الوزير الهارب والمحكوم عليه بالسجن رشيد محمد رشيد .وأكدت الوزيرة أنه بتكليف من الرئيس السيسي يتم النظر في إستغلال بعض الحدائق مثل الأورمان حدائق الحيوان والأسماك والأورمان والميرلاند وغيرها من الحدائق، ونعمل عليها الآن واستغلالها بشكل أمثل.