مطلع الصبا..منذ مايقارب الستين عاما..واجهني هذا السؤال: هل انا مؤمن ؟!!..
عشت مجتمعات صعيدية متزمتة تموج بكل التيارات الاسلامية المتعددة..صوفية..ازهرية..سلفية وغيرها..انقسمت الامة فرق متصارعة!!
هذا يدلي برأي ..يعارضه اخر باية وحديث يخالف ماذهب اليه ..يحتدم الحوار..نسمع عن الناسخ والمنسوخ في النصوص الدينية بمايزيد الانسان حيرة ربما ينتهي الامر بينهما للشجار واستدعاء الشرطة وسيف التكفير للمخالفين من ثم ساحات المحاكم والسجون في ظل غياب ثقافة العقل والحوار الموضوعي البناء وسيادة ثقافة النقل والاكراه!!
( قرأت منذ خمسين عاما مقالات لاستاذنا الدكتور حسين احمد امين منشورة بمجلة العربي الكويتية عن اسباب التنزيل لايات القران..بيئتها..ظروفها..اجابت عن كثير من تساؤلاتي..لو عقلناها لوجدنا فيها اجابات علي كثير من مواطن الاختلاف..لااعرف هذه الدراسة..هل صدرت في كتاب ام لا!!)
قرأت لطه حسين: الفتنة الكبري.. بين اصحاب سيدنا علي بن ابي طالب ومعسكر معاوية بن ابي سفيان..رأي سيدنا الامام: عندما طلب اليه الاحتكام الي كتاب الله..رد: انما القران حمال اوجه..انها كلمة حق يراد بها باطل !!
قرأت:ان اعرابي أتي نبينا الكريم يشهد ان لا الله الا الله محمد رسول الله ..ليقول له نبينا الكريم :اذهب وبشر بالاسلام في قومك..
كلمات: لاالله الا الله.. القليلة لو فهمناها جيدا..تكفينا :هي نفي للعبودية لأي بشر او الاستخذاء امام اي سلطة ..تأكيد: ان البشر احرار في ملكوت الله..دون حاجة الي مجادلات بيزنطية فقهية عقيمة تزيد الناس تنافرا وابتعادا !!
مدخل الي الايمان :
ان هذا الدين يسر وليس عسر ولن يشاد الدين احد الا غلبه..يسروا ولاتعسروا..هكذا يذكرنا نبينا الكريم..
في مرحلة مبكرة..قرأت حديث شريف احببته.. يقول: "لايؤمن احدكم حتي يحب لاخيه مايحب لنفسه"..اتخذته دستورا للحياة..كلمات قليلة ..تهدي الحيران..كلمة "الاخوة" وردت بصيغة التعميم..لتصبح شاملة لكل انواع الاخوة: في الدم..الدين..الوطن ..الانسانية.. كلنا اخوة !!
الايمان اعلي مراتب الاسلام..جوهر كل الاديان: المحبة..ضع نفسك محل الاخرين وتعقل الامور..هذا التصرف سيكفيك الذلل..يضعك علي طريق الايمان ..يصنع من الدين نهجا للحياة..حضارة للنمو وتقدم المجتمعات ..حضارة تزدهر ..تتقدم ولاتموت !!
هل معني احترامي لشق المعاملات والاخوة بين البشر اغفال شق العبادات..لا والف لا..لكن الصلاة والصيام وكل العبادات مالم تنهي عن الفحشاء والمنكر تصبح مجهود بدني بغير طائل !!
لقد سالت نفسي سؤالا: لماذا جعل الله للصلاة خمسة مواقيت.. مجزءة في كلا من الدين الاسلامي وكذلك الديانة اليهودية علي مااعتقد؟!!
..اجتهدت ان اجيب..عندما تصلي الظهر مثلا يسهل ان تراجع اعمالك وخطاياك سويعات مابين الصبح والظهيرة وهكذا كل الصلوات..
( هل تتخيل ان تذهب لمقابلة رئيسك في العمل وقد اذيت للتو عياله..هل سيحسن رئيسك لقاءك ويتقبلك بعد مافعلت!!فمابالك بالله رب العالمين وعباده..لاحظ: الكلمة رب العالمين ولم يقل رب المسلمين او رب المسيحيين!!)
ملاحظات تاريخية :
في العصور الوسطي تخلفت اوروبا حتي عن العرب..لانها غرقت في امور كنسية معقدة( مثلنا حاليا).. اختلاف واقتتال بين الكنائس المختلفة..تحريم للتصوير..غلق باب التفكير والاجتهاد..محاكمة جاليليو مثالا..صكوك الغفران وغيره وغيره..
في عصر النهضة باوروبا ومابعده.. اخفي العالم المتقدم قيمه الدينية في طيات ضميره وعقله..حولها حضارة وسلوك حتي لو ظهروا لنا بمظهر يتخيله العابرون فجورا ..لانهم يمارسون كل حيواتهم في النور بخيرها وشرها.. لايهابون بشرا.. يعرفون: ان الله مطلع علي السر واخفي..
( هناك حديث صحيح معناه: لايدخل الجنة كذاب..يدخلها زاني..سارق..الخ..قال نعم..كذاب..قال :لا..الجنة لايدخلها الا الصادقين..اين كل هؤلاء من الصدق واوطان الصادقين ؟؟!!)
في العالم المتخلف..الانسان مزدوج الشخصية.. يمارس كل الشرور في الخفاء..بعيدا عن اعين الناس لانهم لايعرفون ولايخشون الا السنة الناس والشرطة والتجار ومحاكم التفتيش!!
في العالم المتخلف..التدين طقوس ظاهرة ..مساحيق..كريمات ..مراهم تجميل ..لاتسري في اوردة وشرايين الدم..تخفي تحتها كثير من القبح والدمامة وانتهاك حرمة وكرامة وحريات الاخرين!!
قبل ألف سنة ..قال الامام ابوحامد الغزالي: ليته كان إيمانا كايمان عجائز نيسابور !!
واضاف: نصف اوزار العالم يتحملها متدينون بغضوا الله إلى خلقه بسوء أخلاقهم وسوء صنيعهم...
الايمان المفتوح والعقيدة المغلقة.. هو ما لم ينتبه اليه كثيرون ..
العقيدة المغلقة: صنعة ومهنة وحرفة ومزايا ومكتسبات وهيبة ومكانة اجتماعية الخ..
الأيمان المفتوح أمر بين العبد وربه لا يطلع عليه أحد ولا يحاسبه عليه إلا هو سبحانه!!
الحديث طويل ومتشعب.. لاتستوعبه صفحات..يحتاج للمزيد من الوقفات والمراجعات..لكن: هل انا مؤمن ؟!..لااعرف ..لااحد يعرف..سوي الله رب العالمين ..
في النهاية:
الله يعلمني والله يعلمكم والله يجزيني عنكم ويجزيكم !!
تعليقات
إرسال تعليق
أترك تعليق