د. يحيى القزاز يكتب : طفح الكيل .. دردشة للرئيس

اول زيارة للقاهرة: القاهرة والغناء !

مطلع ستينات القرن الماضي..ذهبنا للقاهرة.. رحلة استكشافية ( لسنا اقل من كولمبس مكتشف امريكا ) --  اول إجازة الصيف -مجموعة من الصبية القرويين السذج المقشفين..المقشفرين ماديا وفكريا..ككل أبناء القري بهرتنا اضواء المدينة ..درنا في حواريها..

1-

الذكري الاولي:  ميدان رمسيس.. علي ايدك اليمين..محل عصير قصب..الماكنة تهرس عيدان القصب..مستغرب  ..افتش علي التور اللي بيشغل ساقية القصب..مفيش.. اكيد مستخبي ورا الحيطه ..ماسمعتش لسه   عن مكن يشتغل  بالكهربا..اكيد الشر بره وبعيد عفريت القياله راكب تروس  الساقية !!

2-

حي الأزهر: لوكانده احباب ال البيت الفخمة ( بأكلانها وقملها الاشهر )

اول يوم : مولد سيدنا الحسين..صوان ضخم.. احد الازقة   .. حفل غنائي ساهر  ..تحييه نجمات الغناء العربي : صباح..فايزة أحمد..شادية..الراقصة نجوي فؤاد.. الخ..التذكرة: خمسون قرشا .. مبلغ لو تعلمون عظيم..بالذات علي أمثالنا.. اعضاء تنظيم:  "عشانا عليك يارب"..لكن هذه الكوكبة العظيمة من المبدعات تستحق بذل الروح والدم الغالي النفيس فداء لوطن  شاديه   !! 

 ( ربما نشنف اذاننا بصوت جلال معوض مقدما  حفلنا الساهر الكبير !! )..مغامرة حتي لو  المقابل:  الجلوس علي عتبات اولياء الله الصالحين نمد ايدينا للي يسوي واللي مايسواش  : "حسنة قليلة تمنع بلاوي كتيرة.. من قدم خير بيداه التقاه ..هنيالك يافاعل الخير.."..يعني احنا كل يوم حنقعد "وش" قدام  خالتك شاديه!!

المهم ..قطعنا تذاكر ..حجزنا اماكن!! يكفينا رؤية  قصة شادية ( بضم القاف ) ..رقبة ورده..صباح تهز ..تغني : ياه..ياه..فخدة ابلتك نجوي فؤاد يا واد .. لو حكمت علينا بالعودة للصعيد..كعابي..نعد فلنكات السكة الحديد.. مرحلين عن طريق اقسام الشرطة.. قسم يسلم قسم ..او حاجزين علي سطح القطر القشاش "أوبن ديك" في الهواء الطلق ..

من طلب العلا سهر الليالي..يا عم الحاج!!!!

  3-

ما علينا..دخلنا الصوان..فقط كروتتين خشب ..جلس عليهم خمسة فتوات.. منظمي الحفلة..البديل الموضوعي -- بتعبيرات اخوانا اولاد القحبه المثقفين --للمايسترو احمد فؤاد حسن وفرقته الماسية ..كل واحد من حبايبنا ماسك بدل العود..  شومة .. اخرها جلدة مركب عليها مسامير حديد صلب..عضلات حديد..كرباج سوداني ..

الزباين المبجلين امثالنا..جلوس  ارضي : " اتحدف هناك"..لا صوت يعلو فوق صوت "الشومة" ..معلش لأجل الورد ينسقي العليق ..جاي لك ياخالة وردة فدوه لرقبتك  ننضرب بالجزمة القديمة يابنت العم   !! ..بعد شوية.. واحد يزعق: الان مع المطربة الكبيرة شادية..مطربة الاذاعة والتليفزيون !!!!

(مش صوت جلال معوض..لا..ده صوت البياع السريح  اللي بيمر جنب بيتنا  ينادي  : عسل نجع حمادي..جلاب نجع حمادي ..مايخالف-- علي رأي أخواتنا العراقيين --..يمكن "عمنا جلال معوض" عشته مراته خالتك ليلي فوزي: سمين..لحمة رأس علي  كوارع علي فشه ..الدهن يسد  اللوز ..لازم نراعي ظروف المذيعين الكبار ..)

 شويتين طلعت علينا خالتك شادية..ياريتها ما طلعت..لابسه في رجلها جزمة بلاستيك سوده طبخ..مقطوعة عند كعب رجلها ملحومة بلحام أمير ( ايامها موديلات الجزمة دي جديدة  تتباع في محلات باتا بتسع قروش..حلول ثورية  لمشكلة الحفاة)..تراب السكك في قدمها المشقق مع  اختلاطه بالعرق الطافح من بين صوابع قدميها  .. عمل سبيكة طينية  جميلة  لدنة --تشبه اسفلت المدن الجديدة -- تتناثر  فوق  وجوه وانوف وعمم أكابر الجمهور امثالنا ..كلما تماليت المعدولة طربا او جوعا سيان..في ايدها منشه ليف تهش الدبان عن عينيها ومناخيرها من وقت لآخر (ست نضيفة.. كمل )..

لابسه جلابية مربعات  كستور المحلة..

نجمتنا الكبيرة واضح  انها تعبانة ..انيميا علي سل رئوي.. الشعر طالع من رجلها دخل في عيني عدل. .بظها ( الحمد لله يامولانا ..العين عليها حارس )..

بمنتهي الادب.. اقتربت من أحد كبار المسئولين بالحفل ..سألته : عمي.. مالها  خالتي شادية ؟ صحتها مش عجباني اليومين دول !!

رد: ليها أسبوعين مروحتش البيت ولاغسلت وشها لأجل تغني لمولانا الحسين وحبايب سيدنا الحسين..

-- واضح التعب عليها ياخال ..دي بدل ماتغني ..بتفسي في وداني ..ربنا يكرمها بنت الاصول ف مالها وعافيتها  وعيالها..

قاللي: اسكت خلاص..هي مش عايزه غير الدعوه دي !!

لغاية كده..الامور هاديه ..تحت السيطرة-رغم إي تذمر مكتوم-- الكارثة بدأت عندما أعلن مذيع الحفل عن وصلة رقص نجوي فؤاد..أيدينا اتهرت من التصفيق..لنفاجا بست..لا..دي مش ست.. جاموسة هاربه من الزريبة ..توزن  نص طن لحم  خلاف الدهون والطحال والفشه والممبار..شايله فوق دماغها طشت غسيل نحاس ..اسمه شمعدان ..رقصة الشمعدان..تخبط برجلها الشمال ع الخشبة تتهز  مادنة جامع الأزهر.. المشكلة : ان الجاموسة دي  عشار في شهرها العاشر..علي ولادة..سعادتي.. قاعد مستكن في موقع استراتيجي اسفل جلالتها مباشرة ..ممكن في اي لحظة يجيها الطلق تحميني دم  !!

احيانا يقيض الله لنا جنودا ينقذونا مما نعانيه..ممكن تسميهم طليعة ثورية..زميل فاضل..من أعضاء الرحلة الميمونة..من علية القوم..أكابر البلاد باحدي القري المجاورة.. والده من ذوي الاملاك لديه: حمار ملجم + عدد2 سروال دبلان بدكة حرير..عضو اللجنة الاساسية بالاتحاد الاشتراكي ..

احد اعمامه يرأس الجمعية الزراعية.. علاقاته واسعة مع كبار المسئولين  بالدولة : بلوكامين النقطة  ..صراف الناحية..فقي الجامع!!

صاحبي وقف..زعق:لا..لا.. حاسب ياخينا.. انت وهوه ..دي مش نجوي فؤاد..وقف..هاتوا فلوسنا..

تعليق: يعني يابن الهبله..اللي قبلها..كانت شاديه بروح امك!!

4-

بسرعة اتحركت عصابة الاشرار..اخدوا صاحبي بره الصوان..الحيطة المجاورة للصوان..مدقوق فيها خمسة  مسامير حدادي ..طول المسمار نص متر..علقوا حبيبنا في مسمار من قطان الصديري ولياقة جلابيته الصعيدي..التركلين البيضا المكوية عند مكوجي السعادة ببندر قنا (دكانه جنب مبني الشبان المسلمين القديم)..اشتغلوا فيه بالكرباج..الكارثة:  ابن الأصول العالية  لم يكن يرتدي سروالا فبدت سوءته للناظرين!!

 ( تلك عيوب التربية الحديثة في بلادنا :   المفترض بالاب ان يقرض ابنه في رحلته للدول الاجنبية كالقاهرة  ..سرواله قرضا حسنا طوال فترة الرحلة..لكن الكثير من الاباء تقتصر نظرتهم لأسرهم باعتبارهم مكمل غذائي وبيولوجي  !! )

قد يسأل احدكم :لماذا  لم تدافع عن صاحبك عندما صلبوه علي الاعواد؟؟!!

 -- يا صديقي: الاربعة مسامير والشومة   والكرباج --علمونا منذ الطفولة السعيدة-- الحكمة والموعظة الحسنة وحسن الخطاب..

لذلك تدخلت بلطف: 

--والله العظيم  ياعمي ده زي ابنك..كلنا زي ولادك  ..مايقصدش.. بيهزر معاك..

لا فائدة من المدخل الانساني.. أثرت ان اهدد بطريقة غير مباشرة..

--  الواد ده ياعمي..عيلته أكبر عيلة في الصعيد ..ممكن يلبدوا في الدرة في البلد  ..يقتلوا ميت قتيل .. يقطعوا السكة..يقفلوا كوبري ست ابوها!!..

لافائدة..رغم كل جولات المفاوضات!!

 لابد من رفع الموضوع لمجلس الامن.. معالي شاويش الدرك بالحي..(  حكايتنا  مع معاليه.. حكاية طويلة  ربما ارويها ذات يوم!! )

اخيرا: عندما أستمع إلي اغاني المهرجانات حاليا ..أتذكر المرحومة شاديه تحريات( نجمة حفلنا  اعلاه..المبدعة الحقيقية لفن واغاني المهرجانات ..ماتت لم تحصل علي حقها من التكريم..رحم الله فتوات سيدنا الحسين..منظمي حفلنا .. رحلوا ..لم يحصلوا سوي علي ملاليم )

عزيزي عمنا سيادة العقيد هاني شاكر :

 مطربي غرز الحشيش وحواريه كانوا موجودين في الازقة والمواخير لايتخطوها زمن مايسمي الفن الجميل.. مؤسسات واجهزة اعلامها ترعي الاصوات الجميلة من كل المحافظات والدول العربية ..اختلاف اخر :  نقيبة الموسيقيين ايامها : كوكب الشرق ام كلثوم علي سن ورمح ياامير الاحزان !!!!!!