JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
أحدث المواضيع
الصفحة الرئيسية

محمد رفعت يكتب : معجزة " فوزي" في العزف على الحناجر!


فى فيلم "معجزةالسماء"، الذي اخرجه الراحل عاطف سالم عام 1956، قدم الموسيقار السابق لعصره محمد فوزى لونا غنائيا لم نعهده فى الغناء العربي من قبل ، حيث قام الكورال بدور الآلات.

واجتهد كثيرون فى وصف هذا اللون وبرع بعضهم في نسج حواديت من الخيال حوله، بمن فيهم المهندس نبيل محمد فوزى ابن الفنان الكبير، والذي قال في أكثر من حوار صحفي وبرنامج تليفزيوني إن الغناء جاء خاليا من المصحابة الموسيقية بالآلات بسبب تأخر الفرقة الموسيقية عن ميعاد التسجيل فى الاستوديو !

فيما كتب احد المؤرخين الموسيقيين المعروفين أن السبب هو أن فوزى كان قد سجل أغنية و لم يرض العازفون عن قيمة الأجر الذى تقاضوه فرفضوا تسجيل الثانية أى الأغنية التى ظهرت فى الفيلم !

و الأعجب أن أستاذاً فى كلية التربية الموسيقية.. قال ان ظهور الاغنية بدون عازفين يرجع الى ان الموسيقار محمد عبد الوهاب أمر أعضاء الفرقة الموسيقية بألا تذهب الى فوزى و ألا تقوم بتسجيل أغنيته نكاية في فوزي بسبب خلاف بينهما حدث في تلك الفترة !

وللأسف فإن هذه الأسباب كلها تعد نوعا من الهلوسة فى التاريخ الفني رغم أنها صادرة عن أشخاص المفروض ألا تشك فى معلوماتهم لقربهم من الموسيقار محمد فوزى أو بحكم تخصصهم فى الموسيقى و تاريخ الغناء.

و الحكاية أن أغنية "كلمنى .. طمنى .. وارحمنى يوم يا حبيبى"، بشكلها الذى ظهر فى الفيلم المذكور هى لون غنائى اسمه "أكابيلا" ، وهو لون غنائي يستغني عن المصاحبة الموسيقية بالآلات ويستعين بدلاً منها بالصوت البشري من كل الطبقات من السوبرانو إلى الباص، وهو لون يشكل تحدياً لألوان الغناء المألوف، ويحتاج إلى دراسة متعمقة لعلم الأصوات البشرية وعلم التأليف الموسيقي «هارموني» و«كونتر بوينت»، وذلك لفهم طبيعة ومساحة صوت المؤدي.

https://youtu.be/sA6Mp2Fvx0Q?list=RDsA6Mp2Fvx0Q

ظهرت أغاني «أكابيلا» في القرن السادس عشر في إيطاليا كشكل من أشكال الموسيقى الدينية تُكتب للأصوات البشرية وحدها بدون استخدام آلات وتغنيها المجموعة، أما أول من لحنها فكان الإيطالي بيير لويجي بالسترينا (1526 - 1594) ، والذي قضى حياته في خدمة الكنيسة في تأليف الموسيقى الدينية، ثم ظهرت المدرسة الفلمنكية التي وضعت نصب أعينها تهذيب هذا اللون ونقاوته من الحذلقة والإغراق في استعمال الخطوط الموسيقية الإضافية (الهارمونى) ، واهتمت بالصوت البشرى فقط، فجعلت منه أداة للتعبير الكامل، وأصبحت أكابيلا تعتمد على الهارمونى المدروس لا مجرد وجود أصوات متوافقة بالصدفة.

استُخدمت "الأكابيلا"، ولا تزال، بعمومها استخداما دينياَ في الانشاد الكنائسي والإسلامي واليهودي، وقد تطور هذا الفن الإنشادي من الانشاد اليهودي ثم المسيحي، كما عرفت الثقافة الإسلامية الإنشاد منذ بدايات ظهورها.

ومع الأسف..فقد استكثر الأقرباء و الدارسون أن يكون لمحمد فوزى ريادة فنية جديدة تضاف الى المجالات الكثيرة التى حقق الريادة فيها ومنها تقديم أغنيات الأطفال والحج ورمضان فى السينما، و مشاركة نجمات الرقص الشرقى فى رقصات رائعة فى أفلامه، و انتاج أفلام ملونة بالكامل، و انشاء أول مصنع للاسطوانات فى الشرق الأوسط، وقد كان فوزي ايضا هو اول من طبع القرآن الكريم على اسطوانات، بالاضافة الى انجازات فنية كثيرة ليس آخرها تلحين أول "أكابيلا" عربية.

كان الموسيقار محمد فوزي فناناً راقي الفن والفكر والأخلاق، وكان كريما مع زملائه وكل المتعاملين معه ، ولا يُعقل أن يكون بخيلا مع أعضاء الفرقة الموسيقية التى تصاحبه فى التسجيل، كما أنه يدخل في إطار الكلام  الذي لا يمكن أن يصدقه عقل حكاية أن تتأخر الفرقة الموسيقية عن موعد تسجيل له ، وهو النجم السوبر وقتها، والذي قدم  63فيلما ومئات الأغانى للاذاعة والتلفزيون والمسرح، ومن الهذيان أن يتم اتهام موسيقار الأجيال الراحل محمد عبد الوهاب بمحاربة "فوزي"، فلم يكن محمد عبد الوهاب شريرا و لا كان فوزى ضعيفا.


ولحن محمد فوزي أكابيلا "كلمنى.. طمني"  على ايقاع "الفالس"، وأدى كورال الرجال أصوات آلات التشيلو والكنتر باص ، فيما أدى كورال النساء أصوات آلات الكمان و جاء ذلك فى شكل حوار بين الفصلين، وعند اعادة مذهب "الأكابيلا"، قسم الملحن كورال النساء الى صوتين الأول يؤدى اللحن الأساسى ، بينما يؤدي الثانى اللحن المصاحب "الهارمونى"، أما صوت الرجال فكان يشارك فى أداء اللحن الأصلى أيضا.

وتقول كلمات الأغنية التي كتبها الشاعر الكبير الراحل حسين السيد:

كلمنى طمنى وارحمنى

يوم يا حبيبي 

طال بعدك

طال هجرك 

ليه بعادك 

فين عهدك فين يا حبيبي

ده القلب اللي انت كاويه بنار 

يا حبيبي

يبعث لك مية مرسال

واتارينى مش عالبال

واتاريني عشقت جمال اجمل من روح وخيال

عايش بحفاك بستنى

ولامتى ح اعيش محتار 

لا انا طايل فيك الجنة ولا طايل حتى النار

القلب اللي انت ناسيه

مش راضى ليه ترد عليه 

ده انا شاري وانت بتبيع

ليه ليه يا حبيبي

كلمني مرة وقول

مخاصمنى ليه علي طول 

وارحم قلبي المشغول

وابعث له مرة رسول 

ليه حق تفرح في عذالي ليل ونهار

اكمن ايديك في المية وانا اللي ايدي في النار

ده القلب اللي انت ناسيه

نظرة من عندك تحييه

مين غيرك يقر يراضيه

مين مين  يا حبيبي

وكان الموسيقار الراحل عمار الشريعي من أشد المعجبين بهذه الأغنية، وتحدث عنها وعن روعتها كثيراً، وأكد أن فوزي كان رائداً في مجموعة من التجارب الموسيقية، وأنه رغم ظهوره في القرن الماضي، فإن عينيه كانتا على المستقبل، ودلل على كلامه بأن أغنياته تعيش إلى الآن، ويمكن تقديمها مجدداً.

إنها بحق تحفة فنية كتبها الشاعر حسين السيد و لحنها و غناها محمد فوزى فى قالب غير مسبوق فى الغناء العربى اسمه "أكابيلا" والعزف فيها على الحناجر فقط.

author-img

أخبار التاسعه

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
    الاسمبريد إلكترونيرسالة