علي محمد علي يكتب : مسسساء الخيييييييييير


" مسسسساء الخيييييير " 

نحن في مجتمع المساطيل حينما نقرر أن نسكر ؛ لنا مجموعة من العادات والطقوس لا يمكن الإخلال بها أو التهاون فيها ، تلك الطقوس تتمحور حول ثلاث محاور ، لا تخطئها عين المركز المدقق ، لعل أولها : هو تحديد واختيار المكنة ، وهي هنا بضم الميم وتسكين الكاف ، حتى لا يقرأها أحد بفتح الحرفين على التوالي فيظن بنا ظنًا سيئًا ، فليس من المعقول أن نسكر في أي مكان ، في الشارع مثلًا أو في السيارة ، أو في مكان عام ، فهذا لا يليق برجال فكر قرروا أن يسكروا ، وطبعًا لن أدخل بكم في تفاصيل المكان وشروط التأمين والذي منه ، فتلك تفاصيل مقدور عليها ، فالخن أقصد المكان هو بيت الراحة والتحرر بالنسبة لنا . 

المحور الثاني : هو اختيار وتحديد نوع الخمرة أو المسكر أيًا كان نوعه فهو يختلف من شخص لآخر حسب تجربته الفردية ، فهناك من يهوى الفوديكا و تعلم في دماغه بسرعة ، وهناك من يهوى نوع ما من الويسكي ، وهناك من يهوى البلدي بكل أصنافه ، حشيش بيرة وخلافه مع ملاحظة عدم ذكر البانجو فهو لا يليق بنا كمجموعة من المثقفين الواعيين ، وإنما نطلق عليه فيما بيننا " كيف العربجية " مع احترامي الشديد للأخوة العربجية ، حقكم على رأسي ، ولا ننسى في هذا المحور المهم جلب " المزة " بفتح الميم حتى لا يفهمني أحدكم بالخطأ للمرة الثانية ، ويبلغ أن مقالي يحتوي أو يتضمن على عيارات جنسية ، وأرد على مثل هؤلاء "

 بملئ الفِي " سحقًا لكم ثكلتكم أمهاتكم أنا أتحدث في مقالاتي على أشياء مهمة تمس مستقبل الأمة ومصيرها حتى وإن طغى عليها طابع المسخرة ؛ فهذا لأني أحب المسخرة جدًا ، وأعطيك الزبدة مغلفة باللامعقول وعليك أن تفتش جيدًا بين سطوري لتعرف إن كنت مسطولًا أم في كامل الوعي والإدراك ، وإن كنت لا أرى فارقًا كبيرًا بين الحال

تين 

هل رأيت لقد أنساني هؤلاء المبلغين عني شيئًا مهمًا يتعلق بالمحور الثاني ، وهو أن عملية اختيار مادة السكر بضم السين ونوع المَزة تتم بمنتهى الحرية فنحن قوم رغم سُكرنا ديمقراطيون لأقصى درجة فلا يجوز ولا يصح أن يفرض أحدنا على الآخر هو هايشرب إيه وهايستمتع بإيه مهما كان منصبة أو سلطاته ، فكلنا متساوون في السُكر ولا أفضلية لأحد على أحد ولا لنوع على حساب نوع ، ولما لا و كل فرد سيدفع من جيبه ثمن مادته ومَزته ، ألم يصرح بذلك سيادة الرئيس في أكثر من موضع " هاتدفع تلاقي ، مش هاتدفع أجيبلك منين ؟ " نحن قوم ملتزمون بشعارات المرحلة ، وبعدين يا أخي إحنا كل حاجة برة الخن مفروضة علينا : شغلنا وفواتيرنا و الخصومات من الرواتب ، والجزاءات ، ولن أبالغ إن قلت لك أن زوجاتنا أيضًا قد فرضت علينا ، يعني الخن هو المكان الوحيد الذي نمارس فيه حريتنا كما ينبغي أن تكون ممارسة الحرية .

المحور الثالث : حوارات المساطيل أو السكارى ، وهذه حكاية كبيرة أخرى لها أبعاد ميتافيزيقية ، آه والله زمبقولك كده ، فالمسطول يحتاج لمن يحاوره حتى يعلي الصنف في رأسه وإلا لن يكون هناك جدوى من مسألة السكُر من أساسها ، و تضيع عليك الفلوس دون منفعة ، ولأننا تنبهنا لأهمية ذلك المحور فقد إتفقنا فيما بيننا مجموعة من الإتفاقات الضمنية غير المكتوبة ، بأن يلعب كل منا دور المحاور للآخر فلا يجوز مثلًا أن نستأجر محاورًا خارجيًا كالأستاذ / مفيد فوزي مثلًا أو الأستاذ / أحمد أديب موسى ، فهذا سيكلفنا فوق طاقتنا ، فنضطر أن نساعد أنفسنا بأنفسنا ، ولعل مشهد الأستاذ / عادل إمام في فيلم السفارة في العمارة سيقرب المسائل إلى ذهنك ، فهو خدمته الظروف و جاء في التلفيزيون مشهدين متضاربين وعكس بعض تمامًا وكان تعليقه واحدًا عليهما حيث قال : والله الراجل ده بيتكلم كلام زي الفل ، ثم قال بعدها بدقائق معدودة : والله الست دي بتتكلم كلام زي الفل .

هنا أقول لكم شيئًا مهمًا اعتبروه سر ، المسطول أو السكران لا يعنيه مضمون الكلام ، وإنما شكله وتنميقه ، فإذا تحدثت أمام مسطول لا تقل كلامًا مفهومًا وإنما ركز على شكل الكلام ، وهو سيقوم بتخيل أو إستنتاج الكلام الناقص ، فهو في حالة السكر مهيأ ومنفتح على كل المعاني ومتصل بها إتصالًا لا سلكيًا ، أنت لا تشغل بالك وقل أي كلام شكله مرتب ، وهو عليه حل الشيفرة وفهم الباقي ، وبعدين أنت زعلان ليه ما إحنا كلنا بناخد الكلام بالشبه حتى لو إحنا فايقين ، واتفرج على أفلام الأستاذ / عمرو عبد الجليل أو أفلام الأستاذ / محمد سعد في سلسلة اللمبي وأنت تفهم كلامي ...

يعني مثلًا لما النظام عندك ينتج أغنية بتمدح في السجون و حلاوة السجون ، ده مش كلام وحوارات مساطيل على أعلى المستويات ، ولما أعلى سلطة في البلد يطلع يقولك إحنا ماعندناش تعليم جيد و ماعندناش صحة جيدة ، ده مش كلام مساطيل ، ولما الإعلام بتاعك يقوده أحمد موسى وعمرو أديب وإبراهيم عيسى وتامر أمين وسيد علي إإح و مين ده ، ما تبقاش حوارات مساطيل ، لما وزيرة الصحة يجيلها إرتشاح في المخ والذي أظن أنه عندها من زمان وتروح تتعالج في مستشفى خاصة ، وبعدين تتهم بفساد ، تبقى مش حوارات مساطيل ، ولما السودان يحصل فيها إنقلاب والشعب ينزل يقول إما النصر وإما مصر ، تبقى مش حوارات مساطيل ،  ولما وزير التعليم هو إللي بيخرب في التعليم ، تبقى مش حوارات مساطيل ، ولما الجيش يعمل كحك العيد  ، تبقى مش حوارات مساطيل ، ولما يكلموك ليل ونهار على إنجازات فرد أفقر كل الناس ، تبقى مش حوارات مساطيل ، ولما يقولولك بعد ده كله أنت نور عينينا ، تبقى مش حوارات مساطيل ؟ في النهاية عاوزني أفوق وأبطل أنا والشلة بتاعتي سُكر ؛ فوقوا أنتم الأول .

ولا أقولكم : مسسسسساء الخيييييير ...

هذا المقال من وحي خيال الكاتب ولا يمت للواقع بصلة.. الشعب اللي مش لاقي ياكل بيستطل من اللي شايفه.

تعليقات