منذ أن بدأ المصري القديم في محاولة الأولي لإكتشاف الحياة المحيطة به و إحساسه بالطبيعة و تآمله في مراحل حياة و ممات الكائنات الحية كالنباتات والحيوانات. أثار في خياله و عقله حالة من التساؤلات و البحث الدائم والمستمر لإيجاد حلول لكل هذه الظواهر المحيطة به. وقد أعتقد المصري القديم أن وجوده على الأرض ماهي إلا فترة محددة من العمر وبعد موته سيعيش حياة الخلود الآبدي.ولكنه كان يعلم أن هذا لم يتحقق إلا بالعمل و الكفاح و تجنب الشر و الذنوب و الآثام. كما أعتقد أيضاً أن بعد موته ليست نهاية الحياة . وأعتقد في وجود حياة آخري و قد تكون هذه الحياة الآخري أفضل مما عاشها علي الأرض.
ومن هنا نتساءل من أين جاء المصري القديم بفكرة البعث و الخلود ؟.
كما ذكرنا سابقاً أن المصري القديم قد تعلم من الطبيعة و جذب أنتباه المصري القديم (الشمس) . فكان يراها تولد في الشروق و تشتد حرارتها في منتصف النهار و تموت في الغروب.
وأيضاً (نهر النيل) عند الفيضانات و في أوقات يقل الماء تدريجياً وبعد ذلك يفيض مرة أخرى . يعني يولد و يموت ثم يولد مره اخرى.
حيث كان المصري القديم شديد الملاحظات لكل ما هو حوله ولاحظ أيضاً أن الكون يسير في دورات متعاقبة . وقال لنفسه بأن حياته لها نفس هذا التسلسل الدارج لكل الكائنات الحية. بمعني أن بعد موته يجب أن يعود للحياة مرة أخرى.
فمن هنا جائت فكرة (البعث و الخلود).
حيث كانت هذه الفكرة إيمانية أو عقائدية.
و أيضا من هنا نؤكد بأن الفكر و المعتقد قد أسس لدي المصري القديم إحساسه بوجود قوة عظيمة غير مرئية تسيطر علي حياته.
(الدين). كان محاولة لتفسير الظواهر المحيطة به وهو يصدر دايما عن رغبته في المنفعة أو رهبة من المجهول و الأخطار . و الحياة لا تتأثر بالدين فحسب بل تختلط و تمتزج به.
وبعد ذلك نشأت الحياة الدينية التي كانت الإعتقاد المسيطر علي ذهن الإنسان من أن هناك قوى تحيط بالإنسان و تؤثر فيه، ومع أن الإنسان لم يري هذه القوي إلا أنه كان يعتقد في وجودها و كون في مخيلته صورا لها.
فالآلهة في رآي المصري القديم كالبشر يمكن أن نرضيهم بالقرابين ولهم صفات البشر . وتخيل أيضا الإنسان الإله ماردا أو كائنا رهيبا . حتي أن بدأ الإنسان أدراك الصلة الروحية بينه وبين الإله فأعتمد عليه و أحبه.
وعرف أيضاً المصريين القدماء مئات الآلهة التي أتخذت صور الأبقار و التماسيح و الكباش و الكلاب و العجول و القردة و طائر أبو منجل و الطيور الجارحة مثل (الصقر). ومخلوقات آخري مثل (الجعران).
وكانت تعبد هذه الآلهة في أماكن عديدة والبعض الآخر محلي لا يعبد في القري أو المدينة. فقد كان لكل قبيلة إله خاص له مظهر خاص وشعار خاص ويتخذ حيوانا خاصا رمزاً مقدساً له.
كما تعددت أشكال و اسماء و ألقاب الإله الواحد وتم فيما بعد دمج جميع أسماء ووظائف إلهين أو ثلاثة في إله واحد عن طريق الثالوث.
ولهذا يمكن القول إن التوحيد المصري موجود رغم تعدد الآلهة. وكانت تصور الآلهة علي شكل حيوانات أو علي شكل إنسان برؤوس حيوانات أو علي شكل إنسان فقط.ويمكن تمييز هذه الآلهة عن طريق تيجانها و أشكال الرؤوس الحيوانية. و إلي جانب الآلهة المحلية عبد المصريين الآلهة العامة و الكونية . مثل (السماء_الأرض-الشمس-القمر..).
وكلمة السماء في اللغة المصرية القديمة مؤنثة لذلك جعلها الآلهه (نوت). أو الآلهه ( حتحور). أما الأرض فهي مذكر لذلك جعلوها الإله (جب). وللسماء آلهة كثيرة فقرص الشمس (أتون) كما سمي (حبري) عند شروقه و (رع) عند إعتلائه السماء و (أتوم) عند الغروب. وسمي أيضا (حورس) الذي أتحد مع (رع) وسمي (رع حور أختي) و للقمر أيضا آلهة كثيرة مثل (تحوت) و (خنسو).
وبعد هذه الرحلة الوجيزة في أعماق خيال و إحساس المصري القديم نستنتج بأن الطبيعة هي المبشر الأول لظهور الدين عند قدماء المصريين. فكن و كم نفتخر بما قدموه من فكر و عمق و إحساس و فلسفة فطرية خالية من الشوائب ممتزجه بالطبيعة لإيجاد حلول لكل ما قد تم بخياله حول دورة الحياة لتأكيد رؤيته في إعتقادة و إيمانه بالبعث والخلود . فالفكرة أساس حضارة خالدة كإعتقادة و إلي الآن نكتشف كنوزها الكامنة يوما بعد يوم.