فى الزمن القديم سكن حديثا فى الجوار عم سيد الذى كان يعمل خفيرا فى السكة حديد...يحرس كافيتريا المحطة الخاصة بالعاملين كل مساء...كافيتريا صغيرة عبارة عن شوية كراسى على النجيلة وشاشة تلفزيون...ومن ساعة ماسكن عم سيد جنبنا وتعارف أبى عليه أصبح وزير الترفيه المجانى بالنسبة لنا...أوصاه أبى بنا أنا وأخى فكنت عندما أطالع الجرائد اليومية عند محسب أشهر بائع جرائد فى تلك البلدة...أنظر ماذا سيعرض التلفزيون فى سهرته الأسبوعية يوم الخميس وهو موعد فيلم أو مسرحية ...
نستأذن أبى فعم سيد هو بديل السينما البلوشى حيث ليس مطلوب منا أن نطلب مشروبا وأن ندفع ثمنه فنحن تبع عم سيد...كنا نجلس على النجيله ولكن عند خلو كرسى من الرواد كنا نحتله...ولكن كنا نتنازل عنه تلقائيا إذا حضر موظف من موظفى الهيئة وكنا نتفرج على التلفزيون من ساعة الغروب حتى نهاية السهرة وكثيرا مانصاب بخيبة أمل كبيرة عندما تُلغى السهرة وتستبدل بملخص لإستقبالات السيد الرئيس عبد الناصر أو إعادة لأحد خطاباته التى كانت تستغرق وقتا طويلا تستهلك وقت السهرة فقد كان الله يرحمه قدوة لمعمر القذافى فى الخطابات الطويلة وأستاذهم فى هذا المضمار فيدل كاسترو الرئيس الكوبى الذى كانت تستغرق خطبته الساعات لدرجة أن مترجما بالأمم المتحدة كان يترجم له فى إحدى زياراته خلع السماعات ورماها على الأرض رافضا أن يستمر فى الترجمة بعد أن سخنت ودانه وأصبح الأمر أقسى من أى إحتمال...ولكننا لم نكن نغادر فنحن فى كل الأحوال نتفرج على التلفزيون صحيح صغير ولايتعدى 14بوصة صحيح أبيض وأسود ولكنه جهاز عجيب ومدهش...وفى الثانوية العامة درسنا فى منهج الفيزياء التلفزيون أبولمبات لأن الترانزيستور كان إختراعا جديدا والذى أخذنا عنه فكرة فى اللغة الإنجليزية وكنا نُحبط أحيانا كثيرة لأن لمبة إحترقت فتعطل الجهاز فباظت السهرة ...وفى يوم ترك عم سيد جيرتنا وعزل وكنا نذهب أحيانا إلى الكافيتريا وفى غياب التنسيق فلانجده فكنا نُمنع من الدخول وإذا زغنا ودخلنا كان هناك من يأتى أحيانا ليسألنا أنتم تبع مين أو تشربوا إيه ؟!
فلانجيب فقد يكون عم سيد فى الراحة أو أنتدب للعمل فى مكان آخر...وكان البديل له هو مرعى جارنا المسئول عن صيانة كهرباء سينما "أبوشوك" فكان يصحبنا للدخول إلى السينما"بلوشى" ولكن عندما تكون السينما تعرض أفلاما قديمة والإقبال عليها محدود والكراسى خالية مثل أفلام ليلى مراد وأفلام أنور وجدى والكحلاوى ومحمود شكوكو...ومن وسائل الترفيه التى كانت متاحة لنا مشاهدة مباريات الكرة التى كانت نهارية أما عند حضور أحد الفرق الكبرى فالتذاكر والتى كنا لانستطيع شراءها رغم رخصها فكنا نحتال مع وكيل "الحاجة الساقعة"المصرح له بالبيع داخل الملاعب فكنا ندخل على حس أننا نعمل معه...ثم أزوغ أنا للمدرجات ويكمل معه أخى الغير مهتم بالكورة العمل فى ثلاجاته البدائية الخشبية المبطنة بألواح الزنك المعدنية ثم رص زجاجات السيكو والإسباتس ثم وضع ألواح الثلج عليها ملفوفة فى الخيش وبعد إنتهاء المباراة نلتقى ثانية أنا وقد إستمتعت بالمباراة وهو عمال يتجشأ "يتكرع" ومعاه بريزة"حتة بعشرة"
لفت الأيام وأصبحت عضوا فى النادى القاهرى الشهير وقد وضعت لنا شاشات 60 بوصة فى الهواء الطلق لنتفرج على المباريات العالمية...وألمح من بعيد متسلقين للسور من الغلمان من غير أعضاء النادى رغبة فى الفرجة على الماتشات على الشاشات الكبيرة أو اللعب فى الملاعب الكثيرة بالنادى...وألاحظ توجسهم خيفة أن يطاردهم أحد أفراد الأمن أو يقبض عليهم وأتذكر توجسنا عندما كنا ندخل كافيتريا السكة حديد متسللين فى غياب عم سيد...ونفسى واحد يحتمى بى سأقول لهم حينها ده تبعى !
تعليقات
إرسال تعليق
أترك تعليق