علاقتي مع عمنا فؤاد حداد علاقة طويلة جدا و ممتده في طفولتي وبداية وعي في منتصف سبعينات القرن الماضي حيث كان يأتيني صوت المسحراتي في راديو منزلنا في منتصف ليل رمضان مع صوت عمي سيد مكاوي وكنت عاشقا للجهاز الساحر المسمى الراديو كان صوت الاذاعة لا يغادر اذني طوال العام فما بالك برمضان وسهراته و مسلسلاته.
قد كنت سهير ليالي من صغري كان الليل ملعبي الدائم رغم صغري سني وأذكر أنني سنوات دراستي الأولى في المدرسة الابتدائية لم أكن اذهب الى المدرسة فقد كنت سهير ليالي كما قلت فكنت استيقظ من النوم متأخرا عن المدرسة كل يوم وحتى لا أعاقب في المدرسة وفي المنزل كنت أخرج من المنزل بملابس المدرسة وشنطة المدرسة وبدلا من الذهاب للمدرسة أذهب الى الغيط( الحقل) مع بن عمي الذي يكبرني بسنتين وقد كان صايع مثلي و نقضي الوقت حتى موعد انتهاء الدراسة فنعود للمنزل وكأننا ذهبنا إلى المدرسة .
كان هذا في الأيام العادية الاذاعة لا تغادرني فما بالك برمضان شهر الاذاعة من حين الاستيقاظ وحتى النوم بعد الفجر و صوت الاذاعة المصرية من إعادة المسلسلات في الظهيرة والعصر حتى تواشيح المغرب وقران المغرب بأصوات الكبار محمد رفعت ومصطفي اسماعيل و محمد صديق المنشاوي و عبدالباسط عبدالصمد و غيرهم من كبار ائمة التلاوة.
ثم المسلسلات الاذاعية التي تبدأ بعد فوازير امال فهمي وصلاح جاهين ثم مسلسل فؤاد المهندس وشَويكار انت اللي قتلت. بابايا أو شنبو في المصيدة ثم مسلسلات البرنامج العام وصوت العرب حتى صوت المسحراتي فؤاد حداد وسيد مكاوي وكان المسحراتي هو عالمي الساحر مع إبداع الكبيرين فؤاد حداد و سيد مكاوي، كانت تلك البداية.
تمر سنوات العمر والتحق بكلية الإعلام طالبا في السنة الأولى في عام ١٩٨٥ لم يغادرني صوت مكاوي و لم يغادر اذني صوت الاذاعة المصرية ومن حسن حظي أنني حضرت اخر أمسية شعرية غنائية لمولانا فؤاد حداد كانت على ما اتذكر في مسرح البالون ذهبت إلى الأمسية محملا بشوق لا يقدر لرؤية حداد كانت أمسية رائعة لازلت اتذكر اغانيها الجميلة
الإشارة خضراء.. عدو يا حبايب
او... ولا في قلب ولا عنية ألا فلسطين
انا العطشان ماليش ميه.. إلا فلسطين
اعتقد كان اسمها الحمل الفلسطيني.. أو عنوان اخر اعتقد سيصحح لي الحبيب امين حداد.. لانه كان واحد من الذين قدموا الحفل مع عمنا فؤاد حداد وأتذكر ايضا كان حسن حداد موجود وكان صديقي الغالي الملحن العبقري محمد عزت صاحب أكبر عدد من الألحان لفؤاد حداد بعد عمنا سيد مكاوي.
أتذكر أيضا كانت الأمسية إخراج احمد اسماعيل المخرج المسرحي كان هذه الأمسية مفتاح علاقتي مع فؤاد حداد فصرت من دراويشه وكنت قد قرأت في الثانوي قليلا من ديوان (الحمل الفلسطيني) (ونور الخيال) وفي سنوات الجامعة اكملت قراءات كثيرة َحضرت حفلات كثيرة لمحمد عزت والصديق احمد اسماعيل الملحن المهم أيضا في تاريخ مصر وسمعت أيضا من الراحل احمد خلف و من الصديق على اسماعيل الملحن الرائع ألحان كثيرة من أعمال فؤاد حداد، وكانت اغنية أنا العطشان ماليش ميه إلا فلسطين هتافي الدائم في سنوات كثيرة من عمري..
انتقلت من إعلام القاهرة إالى عالم الصحافة ثم الإذاعة وأستقر بي المقام في القناة الثالثة بالتلفزيون المصري..
في عام ١٩٩٥ كان ثالث سهرة تليفزيونية أقدمها في حياتي عن صلاح جاهين و التقيت فيها مع امين حداد وصار امين أقرب أبناء الشاعر إلى قلبي صرنا أصدقاء من اللحظة الأولى أحببت امين كما أحببت الكبير حداد أظن أن أمين وحسن حداد هم قطع من قلب حداد، لم اتشرف بمعرفة سليم حداد ان كنت اعتقد انه سيكون أيضا جزءا من هذا النور الحدادي النبيل
في العام التالي كان موعدي مع المسحراتي لفؤاد حداد قدمت أقتراحا لعمل المسحراتي، و كنت متحمسا جدا لعمل كتبه فؤاد حداد وذهبت الي عمنا سيد مكاوي و صورت معه في منزله و كانت عشر حلقات من اخراجي من المسحراتي.
اتذكر ان سيد مكاوي قال جملة سأظل أحملها في قلبي إلى أن التقي بهؤلاء الاحباب، قال مكاوي ان أحدا من المخرجين لم يفهم فؤاد حداد كما فهمه على ابو هميله.
تلك شهادة لا تنسى وتظل فوق راسي..
استمر العشق لحداد كبيرا وصرت إعيد قراءتي لأعماله حتى جاء العمل الثاني مع فؤاد حداد وهو مسلسل حكايات بهيه
نسيت أن اقول أنني استخدمت اجزاء من شعر حداد في ثاني سهرة لي التي كانت بعنوان (سبع سنوات ع الجبهة)، و هي سهرة عن الجنود المصريين على الجبهة من ٦٧ حتى نصر السادس من أكتوبر..
حكايات بهية عن أحداث مرت علي مصر وشخصيات مصرية وطنية من ثورة عرابي وحتى نصر أكتوبر، وكان الحلقات درامية غنائية كتبها النجم الواعد في ٩٧ صبري فواز والنجم الكبير الان صديقي هذا المعجون بالفن والشعر والإخراج والتمثيل.
شارك في التمثيل بجوار فواز محمد عاطف لحد أبطال الوداع بونابرت ( قول يا يحيى.. مصر ها تفضل غالية عليا) وخالد النجدي واحد من الممثلين الثقال جدا الذي لم ياخذ حقة، وعمرو رشاد صديقي الجميل وإيمان مسعود.
كان ديوان فؤاد حداد ( في نور الخيال وصنع الاجيال في تاريخ القاهرة)، هو البطل الغنائي لحكايات بهية و قد شارك في تلحينه الصديق محمد الشاذلي و محمد حسين و احمد الجمل.. و ادي اغنياته محمد الشاذلي والمطربة منال، و سمر سعفان.
كانت تجربة مبهره مع هذا الديوان العبقري ورغم أن العمل قدم في الإذاعة بالحان عبقرية لعمنا سيد مكاوي وبأداء عبقري لمجموعة عظيمة من الأصوات المصرية، إلا أننا قدمنا هذه الأعمال مره اخرى بالحان وأداء جديد في هذا العمل.
في هذا العام قدمت أيضا برنامج يوميات مقاتل عن أبطال أكتوبر وقد اخدت أغنيات عديدة فيه لفؤاد حداد.. وكان اهم ما قدمناه في هذا العمل اغنية حي على بلدنا ألحان وغناء الملحن المختلف ذو الطعم والنفس الخاص وجيه عزيز، وكانت لنا قصة مع الرقابة التلفزيونية.
وفي ذكرى الأربعين لرحيل سيد مكاوي قدمت واحدة من أفضل سهراتي التلفزيونية الخاصة وهي سهرة عشاق الوطن، عن الثلاثي مكاوي جاهين وحداد.
هي سهرة تليفزيونية غنائية أيضا دراما وثائقية غنائية. كانت البطولة الدرامية لشريف حلمى.. و رحاب عبدالباقي و معتز السويفي.. واشوف عبذالفضيل.. والبطولة الغنائية لسيد مكاوي و كل الذين قاموا بغناء ألحان مكاوي من تأليف حداد وجاهين.
كان الاستخدام الأكبر للعمل الاذاعي في نور الخيال، وقد قمت بالسهر و المبيت في استوديو ٤٥ إذاعة حتى أقوم بنقل هذا العمل العبقري لمولانا فؤاد حداد
ولازال لدي الحلم لتقديم هذا العمل كاملا في صورة تليفزيونية اتمنى ان اجد في المستقبل فرصة لتقديمه مع العمل الثاني الضخم الذي لم يكتشف بعد لفؤاد حداد ( الحضرة الذكية )
كان العمل الأكبر في حياتي عن فؤاد حداد تلك الساعات العشر التي قدمتها في عام ٢٠٠٢ على الهواء مباشرة على شاشة القناة الثالثة عن فؤاد حداد، بعنوان مسحراتي الوطن والتي شاركني فيها على الهواء الفنان الكبير محمود حميدة و امين حداد وحسن حداد ومحمد بهجت وجمال بخيت وجمال الغيطاني و محمد عزت.
لا أنسى في هذا اليوم حين دخل الفنان محمود حميده الاستوديو في الواحدة ظهرا وكان موعده في السابعة مساءا، وقعت في (حيث بيص ) لماذا جاء وقد كان لا يسمح بتغيير او هكذا كنت أتصور، فإذا بمحمود حميدة يقول جملة أيضا لا أنساها حيث قال لي
: انا عارف اني موعدي في السابعة، انا جيت اشوف مين المجانين اللي عاملين الشغل ده..
تظل كلمة حميده الجملة الثانية التي اخذت بها شهادة من أعمال حداد، وفي ذات المساء تقريبا في الثامنة والنصف أتصل بي أحد المشاهدين ليقول جملة أخرى لا تنسى
: قال المشاهد انه لا يستطيع مغادرة الصالون ولا إغلاق التليفزيون و أنه و أبنائه أمام الشاشة ولم يتناول طعام الغذاء و لن يتناوله حتى ننتهي من هذا اليوم الجميل.
لا أنسى أيضا من فضل حداد وكرمه أن مقال صندوق الدنيا بالاهرام لكاتبنا الكبير أحمد بهجت رحمه الله كان عن هذه الساعات العشر.
وكتب أيضا جمال الغيطاني و ماجده موريس، و جمال بخيت ومحمد بهجت وغيرهم كثيرون.. حتى أنني عملت فايل خاص لتلك المقالات، لكنه للأسف ضاع مع السنين التي ضاعت والأحلام التي غادرت قلوبنا وغادرت الوطن..
مولاي وسيدي فؤاد حداد، حكاية حبي معك لا تنتهي.. دمت في قلوب محبينك وعشاقك.. عشاق الوطن
نجم النجوم.... الله ينور عليك
ردحذفالأخ والصديق علي : تحية تقدير على المقال الرائع وتهنئة ع الموقع .. أنا صديق قديم عصام محمود ستعرفني أتمنى الاتصال 01021466600
ردحذفمنشور جميل اعاد الى ذهنى ذكريات جميله أحسنت أستاذنا الجميل
ردحذف