تربطني بالدكتور بركات عبد العزيز علاقة تلميذ بأستاذ، ومريد بشيخ.. بدأت منذ عام 1992 وحتى شهر فبراير الماضي.. اختلفنا في مسألة، وعلت أصواتنا.. وعز عليه أن يصدر ذلك منى، وأنا بمثابة التلميذ والأخ الأصغر له، وبيننا عيش وملح قديم ومتصل.. وبالفعل قدم شكوى ضدي.. مضمون الشكوى أنني قد رفعت صوتي عليه أثناء مجلس الدراسات العليا، وطرقت بيدي على الطاولة بعنف، وأغلقت الباب بشدة أثناء خروجي من الاجتماع.. وهو ما اعتبره إهانة له.. بعد عدة أيام، ذهبت إليه في مكتبه، واعتذرت له، وقبلتُ رأسه.. وانتهى الموضوع.. وحضر إلى مكتبي عدة مرات بعدها وحضر معي كل اجتماعات مجلس القسم التي أعقبت هذه الواقعة.. وتناسينا الموضوع تماماً..
مقالاتي حول الإعلام ورجالاته، كانت لها صداها لدى رئيس الجامعة.. رئيس الجامعة التي ترتعد فرائصه من شخصين: "فلان بيه" الذي وعده بمنصب وزير الثقافة أو على الأقل يجدد له في منصب رئيس الجامعة.. وأي إعلامي يكتب عنه كلمتين.. "فلان بيه" هو كلمة السر باعتراف رئيس الجامعة شخصياً في أي قرار يتخذه داخل أسوار الجامعة.. "فلان بيه" هو من أمر بتحويلي إلى الشئون القانونية، وهو من يرفض رجوعي إلى الجامعة رغم عدم قانونية الإجراء.. ولكنه في كل الأحوال من بيده ملكوت الجامعة، ومن بيدها زمامها في عهد الدكتور الخشت!
عندما يتحدث رئيس الجامعة إلى صحفي أو إعلامي تجد أنه يكاد يقبل قدميه.. انسحاقاً وتملقاً ونفاقاً.. مستشفيات جامعة القاهرة في أزمة كورونا كانت عاجزة عن استقبال أساتذة جامعة القاهرة (وحكاية الدكتور النشار أستاذ الدكتور الخشت شاهدة على ذلك)، ولكنها مفتوحة (على البحري) لكل الصحفيين والإعلاميين.. وبخدمة خمس نجوم.. وكله على حساب صاحب المحل.. هدايا رئيس جامعة القاهرة إلى الصحفيين والإعلاميين تفوق ما ينفقه على كثير من المراكز البحثية في الجامعة.. رئيس الجامعة يشترى كل الأعداد المطبوعة من بعض الصحف مقابل أن يكون لجامعة القاهرة مكان فيها، وأن يتم استكتابه فيها أو الإشادة بمجهوداته الخارقة..
عندما كتبت مقالي يا "عزيزي كلنا إعلاميون" قامت قيامة الرجل ولم ينم.. نقد نشأت الديهي وأحمد موسى في برنامجيهما لرئيس الجامعة سببا له أرقاً وصداعاً.. اتصل الرجل بي بعد منتصف الليل، وطلب مقابلتي في "كافية" مشهور بمنطقة الشيخ زايد.. مارس الرجل معي اسلوب العصا والجزرة.. وأظهر لي ذهب المعز وسيفه، عرض المغريات، وعدد التهديدات..
السمة الأكثر بروزاً في الدكتور الخشت أنه لا يصدق في وعد، ولا يخلف وعيداً.. تعودت على أسلوب الرجل وعلى طريقته.. هو رجل لا يلقي بالاً بما يقول، ولا يهمه صورته قدر مصلحته.. ولا يكره في حياته سوى رجلين: الدكتور خالد عبد الغفار وزير التعليم العالي، والدكتور جابر نصار رئيس جامعة القاهرة السابق.. كلام الرجل عنهما يحمل قدراً كبيراً من الشعور بالنقص أمامهما..
وعدني رئيس الجامعة وعوداً كثيرة لم ألتفت إليها.. وهددني تهديدات صريحة لم ألق لها بالاً... ليس على رأسي بطحة أخاف منها.. والحديث في الشأن العام ليس للجامعة شأن به.. قلت للرجل حاسبني على تصرفاتي وأقوالي وأفعالي داخل الجامعة .. ما لله لله.. وما لقيصر لقيصر..
هنا وجد رئيس الجامعة ومستشار السوء ضالتهم.. لماذا لا نفتش في الأدراج عن شكوى قديمة مضى عليها ثمانية أشهر؟ لماذا لا نعيد إحياءها ومحاسبتي عليها؟ كان الدكتور بركات في هذه الأونة (فبراير 2021) مصاباً بذبحة صدرية وموجوداً في العناية المركزة بقصر العيني.. لم تمنع حالته الصحية من استدعائه! والتأكيد عليه في الحضور.. قدم الرجل اعتذارين عن الحضور، وحضر في المرة الثالثة.. وبدأت عمليات المساومة والضغط على الرجل..
الضغوط التى مارسها رئيس جامعة القاهرة ومستشاروه قتلت الرجل وأصابته بذبحة صدرية جديدة.. تم تهديد الرجل المهذب في رزقه وعياله.. رجل مريض، ورقيق الحال وقع تحت سطوة من لا يرحم.. تم ابتزازه، وتهديده... دخل الدكتور بركات إلى العناية المركزة ثلاث مرات خلال هذه الأشهر القليلة.. تحدث إلى كثيرين من الزملاء عن تعبه من موضوع الشكوى ضدي، وعن رغبته في سحبها، لولا التهديدات.. الرجل تم التنبيه عليه بعدم الاقتراب من مبني كلية الحقوق حيث المحقق القانوني وإلا ستتم محاسبته حساباً عسيراً..
في نهاية شهر مارس 2021، أصدر رئيس الجامعة قراراً بوقفي عن العمل عن واقعة وقعت قبلها بثمانية أشهر!! وذلك لمصلحة تحقيق لم يتم كتابة سطر واحد به منذ قرار إيقافي!! وتم تجديد الإيقاف مرتين لصالح تحقيق غير موجود!! وحفاظاً على "عدم التأثير على سير واستكمال التحقيقات التي يتم إجراؤها بكلية الحقوق"!!.. استغلال واضح وتعسف بين في استخدام النصوص القانونية.. أين التحقيق يا معالي رئيس الجامعة الذي أوقفتني من أجله؟ أين الواقعة التي تحاسبني عليها؟ وما علاقة رضا أو سخط "فلان بيه" بهذا التحقيق؟
عاش الدكتور بركات في الأشهر الأخيرة وهو يشعر بغصة في حلقه، وبمرارة في جوفه.. وهو ما باح به لكثير من الأساتذة.. لم يتحمل الرجل لوم زملائه، وعتاب أصدقائه، ووخز ضميره.. غير أنه في صبره مرغم.. وفي صمته مكره .. حتى فاضت روحه الكريمة..
رئيس جامعة القاهرة هو من قتل الدكتور بركات عبد العزيز قتلاً معنوياً يا سادة.. الضغط المعنوي والتهديد هو نوع من القتل العمد..استغلال النفوذ وممارسة السطوة على أحد الأساتذة وإرغامه على الخضوع هو نوع من القتل العمد.. كيف لرئيس جامعة القاهرة أن ينام وقد كان سبباً مباشراً في موت أستاذ جامعي؟
من يحاسب رئيس جامعة القاهرة على تصرفه غير المسئول؟ من يحاسب رئيس جامعة القاهرة على ممارسته كل ألوان التهديد والوعيد ضد أستاذ جامعي مراعاة لتوصية من خارج الجامعة؟ وتنفيذاً لتعليمات لا صلة لها بالجامعة.. شاطر يا دكتور.. أحسنت .. لا أحسن الله إليك..
من يحاسب رئيس جامعة القاهرة على إرغام الرجل وهو مريض ومصاب بذبحة صدرية على المثول أمام التحقيق لكي يدلي بأقواله في مذكرة طلب إلغاءها والتنازل عنها أكثر من مرة؟ وتم تهديده إن فعل ذلك بإثارة قضايا ملفقة ضده وتحويله إلى النيابة العامة؟ كما فعل رئيس الجامعة مع آخرين!
هل "فلان بيه" الذي يحتمي به رئيس جامعة القاهرة، ويرتعد من ذكر اسمه راض الآن عما اقترفت يداه في حق هذا الأستاذ الغلبان؟ هل سيعين الدكتور الخشت وزيراً للثقافة بعد هذه الواقعة؟ هل يعلم "فلان بيه" أن السيد رئيس الجامعة يستخدم اسمه وصلته القوية به كما يدعي في إرهاب معارضيه وغير الموافقين على سياساته؟ هل يعلم "فلان بيه" أن السيد رئيس الجامعة يسيء إليه ويصدِّر اسمه في المصائب حماية لنفسه ورمياً بالكرة بعيداً عنه وعن ملعبه؟
يا معالي النائب العام .. هذه شكوى ضد رئيس جامعة القاهرة؟ الرجل تسبب في موت الدكتور بركات عبد العزيز بنزيف في المخ جراء الضغوط المتتالية عليه.. يا معالي النائب العام.. قتل الدكتور بركات من مارس عليه الضغوط والتهديدات المباشرة وغير المباشرة حتى وصل بالرجل إلى الإصابة بنزيف في المخ.. يا معالي النائب العام.. تجاوز السلطات والصلاحيات وكأن الجامعة "عزبة خاصة" بالسيد رئيس الجامعة هو الذي قتل الدكتور بركات عبد العزيز..
يا معالي النائب العام.. قاتل الجسم مقتول بما قتل .. وقاتل النفس لم يشعر به أحد.. حاسبوا هذا الرجل على جريمته!
تعليقات
إرسال تعليق
أترك تعليق