JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
أحدث المواضيع
Accueil

د . يسري عبد الغني يكتب : في مسألة الشورى و أهميتها

     


 جعل الإسلام أمر الناس شورى فيما بينهم بعد أن وضح قواعد عامة ، ومبادئ عليا صالحة للتطبيق في كل زمان ومكان ،وترك الإسلام للعقل الإنساني بعد ذلك فيما عدا قليلا من التشريعات التفصيلية حرية الحركة والأداء والعمل في كل العصور والأزمان  . 

 ومعنى الشورى :استعانة الحاكم برأي غيره ، من الحكماء والعلماء وذوي الخبرة ، وأهل الرأي والتجربة  من أجل الوصول إلى أصح الآراء فيما يصادفه من معضلات ومشكلات ،وقد حث الإسلام على الاستمساك بهذا المبدأ ،واتخذه أساساً للحكم .

 وجاء في القرآن الكريم :{ والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم . ومما رزقناهم ينفقون } [ الشورى : 38 ]

 وجاء أيضاً { فيما رحمة من الله لنت لهم . ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر . فإذا عزمت فتوكل على الله . إن الله يحب المتوكلين }[آل عمران : 159 ] . 

 كما أوجب الإسلام طاعة رسوله ،وطاعة أولي الأمر ما لم يأمروا بما يخالف الله وفي الحديث الصحيح : " السمع والطاعة حق على المرء فيما أحب أو أكره ما لم يؤمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة ،وإنما الطاعة بالمعروف " [ متفق عليه ]   

  كيف يتحقق مبدأ الشورى في الإسلام ؟:- 

  يتحقق مبدأ الشورى في الإسلام بأمرين :-

  الأمر الأول : -

  اختيار الحاكم ، ومبايعته على الطاعة ،وقد كان المسلمون يختارون من يرونه أهلاً للقيام بتبعات الحكم ،فتتم له البيعة .فإذا نظرنا في بيعة "أبي بكر " الصديق ( رضي الله عنه ) بعد وفاة النبي محمد ( صلى الله عليه وسلم ) ، وبيعة " عمر بن الخطاب " ( رضي الله عنه ) ، وبيعة " عثمان بن عفان " ذي النورين ( رضي الله عنه ) ، وبيعة " علي بن أبي طالب " ( رضي الله عنه )  ،وجدنا الناس جميعاً يجتمعون ، ويختارون خليفتهم  ،ثم يبايعونه ،وإذا كان النبي ( صلى الله عليه وسلم ) قد كلف " أبا بكر " الصديق بأن يصلي بالناس ، عندما مرض مرض الموت ،إلا أن الناس قد بايعوه بالخلافة بعد وفاته .

وإذا كان " أبو بكر " الصديق ( رضي الله عنه ) قد أشار باستخلاف الفاروق "عمر بن الخطاب " ( رضي الله عنه ) .. إلا أن الناس قد بايعوه بالخلافة ،وإذا كان " عمر بن الخطاب " ( رضي الله عنه ) قد رشح ستة من الرجال للخلافة من بعده ، إلا أن الناس  اختاروا " عثمان بن عفان  " ذا النورين ( رضي الله عنه ) وبايعوه بالخلافة ، وكانت الكلمة الأخيرة في كل مرة للمسلمين أي للشعب .

الأمر الثاني :-

 تصريف الحاكم لأمور الشعب ؛ ويكون ذلك بمشاورته ، والأخذ برأيه - مادام صالحاً - ،وكان رسول الله المعلم القائد ( صلى الله عليه وسلم ) كثير المشاورة لجميع أصحابه ، ليستخرج منهم الرأي فيما لم ينزل به وحي من السماء ، خاصة فيما يتعلق أو يتصل بالأمور الحياتية ، وكان يقول لهم " أنتم أعلم بشئون دنياكم " .

 ففي غزوة بدر الكبرى أخذ النبي ( صلى الله عليه وسلم ) برأي الصحابي / الحباب بن المنذر ( رضي الله عنه ) ،حين اقترح عليه أن ينزل في غير المكان الذي استقر فيه الجيش الإسلامي ، وتحول الجيش فعلاً إلى المكان الذي أشار به ، وحدث أن أخذ الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) برأي أكثر من صحابي في غزوات ومواقف أخرى .

وكلنا يعلم أن الصحابي الجليل / سلمان الفارسي ( رضي الله عنه ) هو صاحب فكرة حفر خندق حول المدينة لرد هجمات الأحزاب المشركة ، فقد استحسن الرسول  (صلي الله عليه وسلم )والصحابة هذه الفكرة وأخذوا بها .

كما أخذ الرسول  (صلي الله عليه وسلم ) برأي زوجته السيدة / أم سلمة  (رضي الله عنها ) في صلح الحديبية ،حين أشارت عليه بأن يخرج إلى أصحابه ،ثم يذبح هديه  ( أضحيته ) ،وفعل المسلمون مثله،وهذا دليل على أن رأي المرأة يحترم ويعمل به،إذا وافق الصواب 

 هذا ،وقد سار الخلفاء الراشدون سيرة نبيهم ومرشدهم ومعلمهم محمد (صلى الله عليه وسلم ) ،فكانوا يستشيرون أهل الرأي والخبرة في الأمور السياسية وغيرها ، وامتدت المشاورة إلى الحاكم ،وإلى طريقة اختياره ،واختيار الولاة ،وتسيير الجيوش ،وتوزيع الغنائم .

 ويجدر بالذكر أن " أبا بكر " الصديق ( رضي الله عنه ) عندما تولى الحكم ،أعلن للناس أنه ليس بخيرهم ،وطلب منهم أن يعينوه إذا أحسن ،وأن يقوموه إذا أساء ،وأن يطيعوه ما أطاع الله فيهم ،مؤكداً لهم أنهم في حل من طاعته إذا مشى في طريق المعصية .

 وفي عهد الفاروق / " عمر بن الخطاب " ( رضي الله عنه ) جعل من  الصحابة مجلساً للشورى ،فكان لا يضع قراراً ،ولا يلغي قراراً قائماً  ،إلا بعد عرض الأمر على المجلس ،لمناقشته ،والوصول إلى أفضل رأي ممكن فيه ،وأنفع قرار للصالح العام ،وعرف عن الفاروق / " عمر بن الخطاب رضي الله عنه"  أنه كان يرحب ولا يرفض أي انتقاد يوجه إليه من أحد أفراد الشعب .   

 ونتذكر قول رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " ما تشاور قوم قط ،إلا هدوا لأرشد أمورهم " [ رواه البخاري ] .

 وبهذا المبدأ حقق الإسلام فكرة إشراك الناس في الحكم وإعدادهم للقيادة ،واقتناعهم بما يتخذ له من الآراء ،والعمل على تنفيذها .

NomE-mailMessage