حماده إمام يكتب: لم يكن اول لقاء .." السيسي ووزير خارجية إيران"


غطت تصرفات وسلوكيات حسين أمير عبد اللهيان، وزير خارجية ايران على كل فعاليات ومخرجات مؤتمر بغداد ,للتعاون والشراكة والذى عقد يوم السبت الماضي  العراقية واعتبر المحللون ان تصرفاته  خلال المؤتمر, خرق لكل العادات والاعراف الدبلوماسية عندما أقدم أثناء تصوير, اللقطة الجماعية للرؤساء ورؤساء الوزراء ووزراء الخارجية في قمة التعاون والشراكة في بغداد على عدم الوقوف بمكانه المخصص إلى جانب وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان وتقدمه للصف الاول رغم تنبيه عبر ورقة مررت له، بضرورة الرجوع إلى الصف الثاني المخصص لوزراء الخارجية، إلا أن وزير الخارجية الإيراني أصر على السير مع الزعماء والرؤساء وبدا عبد اللهيان مسترسلا, بالتحادث مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي لدى دخول القادة والوزراء إلى القاعة. 

لكن لماذا كان يتحادث مع السيسى وهل سبق أن التقى السيسى من قبل مع عبد اللهيان؟ الاجابة نعم لم يكن هذا هو اول لقاء بينهم فقد سبق والتقاء مع السيسى  لكن متى واين؟

اللقاء كان في القاهرة والزمان كان يوم تنصيب السيسى رئيس جمهورية!! وكان  أمير عبد اللهيان يشغل وقتها   منصب مساعد وزير الخارجية الإيرانية للشؤون العربية والإفريقية، قبل إقالته .

فى صيف عام   2014  دعيت لحلقه نقاشيه بالعاصمة طهران عن  مستقبل العلاقات المصرية  الايرانيه بعد ثورة 30يونيو وسقوط جماعة الاخوان  ضمن وفد أعلامى  مصري  بحضور  رؤساء تحرير الصحف الإيرانية  ومندوبي الفضائيات  المعتمدة  بإيران .  

بحكم الضرورة كان لابد ان يكون ضمن برنامج الزيارة زيارة مبنى وزارة الخارجية الايرانية وهناك تم تدبير لقاء لنا مع " امير عبد اللهيان " مساعد وزير الخارجية الايرانيه  للشؤون العربيه والافريقية وكان من الطبيعى ان يكون حوارنا معه حول العلاقات المصرية الايرانيه ومتى ستعود لشكلها الطبيعى وكانت المفاجأة لما سالته ان قال لى : انه كان ممثل الوفد الايرانى الذى حضر حفل  تنصيب  عبد الفتاح السيسى  رئيسا لمصر وانه قد انفرد بالسيسى على هامش الاحتفال ونقل له رغبه الحكومة الإيرانية فى الاسراع  لعودة العلاقات المصرية الإيرانية بشكل كامل !!

في اليوم التالى للزيارة   دخلت في  معركة كلامية مع  وزير خارجية ايران الاسبق الدكتور على  اكبر ولاياتى  والمستشار السياسى لمرشد الثورة الإيرانية وذلك بمركز "تشخيص مصلحه النظام"  بالعاصمة  الإيرانية  طهران  والذى كان يراسه ولاياتى 

 بسبب اسم شارع ومدفن  بحضور  رؤساء تحرير الصحف الإيرانية  ومندوبى الفضائيات  المعتمدة  بإيران .  

لم أكن اول المتكلمين في الجلسة  بل تعمدت ان اكون الاخير  للاستماع لأكبر قدر ممكن من المعلومات من الرجل الاقرب لعقل مرشد الثورة بالإضافة الى توليه حقيبة الخارجية الإيرانية لمدة16عام متواصلة ومعاصرته لثلاثة رؤساء  ولم يكن هذه دوافعى فقط  بل ان الرجل الملقب "بحكيم الثورة الإيرانية "

كان ضمن  الاكاديميين الذين ارسلوا رساله لمرسى بعد وصول الاخوان يدعونه  للعمل بالشريعة الإسلامية وذلك ردا على رساله المثقفين الايرانيين الذين سبق وان ارسلوا  رساله  عبر الصحف يحذرون المصريين من تكرار التجربة  الايرانيه بعد ثار  الشعب وحصد ثمارها  الملالى  وبالتالي كلام الرجل هو قراءة حقيقيه لتصور شكل الاشياء في راس الحكام الفعليين  لإيران

اسهب الرجل فى الحديث عن القدرات الامكانيات الايرانية وقدرة المفاوض الايرانى فى مفاوضات  البرنامج النووى والرغبة الإيرانية فى فتح صفحة جديدة مع الغرب  حتى أذا انتهى من السرد والاجابة على المداخلات  كان على أن آخذ  الكلمة  ولم اكن اتوقع  ان كلامى سيحول هدوء القاعة الى ساحه لحرب كلامية ونظرات حذر  وتشجيع من زملائي بالوفد المصرى .

فلما قلت له :أن عودة العلاقات المصرية الايرانية لاتحتاج الى هذا الكم من التعقيدات والمفاوضات السرية كل ما فى الامر  هو تغير  اسم " شارع خالد الاسلامبولى " الموجود فى وسط العاصمة الايرانية والذى اطلق بعد أغتياله للسادات  خاصة وان المنفذين  لاغتيال السادات اعترفوا بخطأ قتلهم له .

فرد على قائلا: تطالبونا  بتغير أسم الشارع  وانتم تستقبلون أسرة الشاة  كل عام فى بلدكم

فعدت وقلت له :هم يأتون لزيارة  قبر ميت  

,وما ان قلت هذا الا وانفجر الرجل فى  فى ثورة عارمه وتتطاير الغضب من عينة قائلا: هذا الرجل المدفون عندكم قتل ألاف الشباب  وشرد الملايين   منا وانتم مازلتم تصرون على بقاء جثته  لديكم .

تكهرب الجو وتبادل الحاضرين النظرات ما بين مطالبا لى بالاكتفاء وما بين داعما لى بالاستمرار فكان على الاختيار ما بين ان يستمر الرجل فى حوارة معتقدا أن الكلام لابد وان يمضى فى اتجاة واحد  او الفت نظرة بان الحوار فى اتجاهين   رايح  جاى  وعلى الفور  أخترت ألحل الاسهل لى والاصعب علية خاصه وان ردة  ذكرني بموقف العباسيين من جثث الأموين  بعد سقوط  دولتهم  عندما كانوا ينبشون  مقابر  الامويين ويخرجون جثامينهم ويعلقونها على الاشجار ويضربونها بالنعال. 

فقلت له: أن الميت لدينا ولديك له حرمه وماذا ستفعل بحثه ميت  فديننا الإسلامي الذى هو دينك أيضا صان حرمه الميتين !!

كان ردى علية هو الطلقة الاخيرة التى انهت الحوار وذهب كلا منا فى طريقة رغم إصراره على مصافحتي وسط الجميع 

وبقدر ما كانت مصافحته حماسيه بقدر ما كانت اول تحريض لى لإعادة استكمال كتابى عن  مستقبل "عروش الخليج" والذى  كنت بدأت إرهاصاته  الاولى  عام 2002أثناء عملى بجريدة الرايه القطريه  خلال الفقرة من نهايات(( 1999  " وحتى2004)).

ولكن ما الربط بين ايران وعروش الخليج ؟العلاقة بين ايران والخيلج علاقة طويله تدور على محور رئيسى  ملخصه ان ايران تعتبر الخليج ملكا لها وانها طوال تاريخها وحتى سقوط الشاة  كانت شرطى  المنطقه  ومندوب الادارة الامريكيه  فيه  بالاضافه الى انها مشروعها للخلافة  الإسلامية بمظلة شيعيه وتحويل" قم "الى "ام القرى" بدلا من مكة!!

تؤمن إيران أن لديها كل ما يؤهلها لتصبح القوة الإقليمية الأولى في المنطقة وقد خططت لتنفيذ ذلك ,ويقع الخليج في قلب الخطط والتصورات الاستراتيجية الإيرانى

    أن إيران ستكون بؤرة ومركز منطقة جنوب غرب آسيا ... بالنظر إلى قدرتها وقوتها ومكانتها الجغرافية السياسية والجغرافية الاستراتيجية الاقتصادية، ودورها  وستلعب دور قيادة التنظيم السياسي والاقتصادي والأمني لهذه المنطقة.

لدى ايران ميراث من التوتر او بمعنى ادق" ثأر" قديم مع كل دولة من الدول الخليج يتراوح ما بين خلاف حدودى او تصفيه حسابات  ومواقف كان محصلتها فى الختام  بناء أساس ومبرر لتدخل ايران فى الشان  الداخلى لكل دوله من دول مجلس التعاون  فعلى مستوى العلاقة بين السعودية وايران 

بعد الاتفاق النووى بين ايران والولايات المتحدة الأمريكية, أصبح  مجلس التعاون الخليجي  يقف على مفترق طرق، فالخلافات بين دول الخليج كثيرة ومتشابكة، تبدأ من النزاعات الحدودية لتصل إلى اختلافات جذرية حول قضايا استراتيجية تتعامل معها دول مجلس التعاون علي نحو انفرادي يؤدي لمسارات مختلفة ومتناقضة في كثير من الأحيان ما يعكس رؤية تنبني على الاضطراب والتعسف لا على المصلحة الاستراتيجية المستقلة

والمفارقة ان  الاسس التى وضعها فقهاء النظم الدستورية والسياسية للوحدة  بين دوله واخرى والمحصورة  فى ثلاثة نقاط هى  اللغة والتاريخ المشترك والدين  ووحدة الارض .

تعليقات